Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سايكس بيكو .. وكيري لافروف!

بعد الحرب العالمية الأولى كانت أوروبا الغربية من يقرر مصير العالم.

A A
بعد الحرب العالمية الأولى كانت أوروبا الغربية من يقرر مصير العالم. خسرت ألمانيا وكسب الحلفاء وتأجل صراع الهيمنة على العالم عشرين عاماً (1919- 1939)، ليعود أدولف هتلر لإحيائها من جديد ويشعل حرباً عالمية ثانية أشد شراسة من الأولى. كاد أن ينتصر لولا التحالف مع الاتحاد السوفيتي وتدخل أمريكا وحسم المعركة بضرب اليابان - حليف ألمانيا الرئيس - بالسلاح النووي لأول مرة في تاريخ البشرية. نتج عن الحرب الكونية الأولى تفكك الامبراطورية العثمانية وخذلان العرب الموعودين في ذلك الوقت بالاستقلال من تحت الوصاية العثمانية.
في عام 1916م عقد مؤتمر باريس الشهير وقسمت المنطقة العربية بين الحلفاء المنتصرين(فرنسا وبريطانيا) بما أطلق عليه فيما بعد بمخطط سايكس بيكو نسبة لجنرالين بريطاني وفرنسي كانا من أبرز قادة المعارك في تلك الحرب. رسمت حدود مصطنعة واختيرت القيادات المحلية التي تتفق رغباتها مع مخطط الاستعمار الجديد. انبثقت الثروة البترولية في جزيرة العرب وكان لأمريكا - قائدة العالم الجديد التي أنقذت حلفاءها الأوربيين من الهزيمة - اليد العليا في مستقبل البترول والمنطقة بكاملها خلال القرن العشرين.
قبل نهاية الحرب الأولى استصدر الصهاينة وثيقة ما يشبه الصك المزور من بلفور وزير خارجية بريطانيا العظمى تحت مسمى وعد بلفور في عام 1917م بوطن قومي لليهود في فلسطين. تولت أمريكا فيما بعد رعاية ذلك الوعد وقدمت كل ما يحتاجه الصهاينة للتوسع واضطهاد العرب وتشريدهم وإرهابهم بشتى الوسائل. كان إرهاباً اجرامياً ممنهجاً رعته بريطانيا وفرنسا وأمريكا الى يومنا هذا. وبعد مائة عام من الصراعات والمآسي عادت قصة الشرق الاوسط تطارد العرب من جديد. تهدد هذه المرة بتقسيم جديد يتدارس تفاصيله وزير خارجية امريكا جون كيري ونظيره الروسي لافروف. التشكيل الإجرامي الجديد لم تكتمل معالمه بعد لأن عالم بداية القرن الحالي أصبح مختلفاً عن بداية عالم القرن العشرين عدة وعتاداً ووعياً ولن يمر المخطط بنفس السهولة التي مر بها مخطط سايكس بيكو.
والفارق الكبير في هذه المرة وجود إسرائيل النووية وإيران تحت ولاية الفقيه ،وكلتاهما تخطط للهيمنة على المنطقة. اسرائيل من خلال التوسع في فلسطين، وإيران من خلال المليشيات في الدول العربية بعد سيطرتها على العراق وتوغلها في سوريا ولبنان وسعيها للالتفاف على اليمن الذي أفشلته عاصفة الحزم.
التقارب الأمريكي مع ايران على حساب العرب يضاف لدعمها المطلق لإسرائيل والتدخل الروسي في سوريا لإبقاء نظام الأسد المتحالف مع ايران والغموض الذي يحيط بالصمت الأمريكي عن نوايا بوتين التوسعية يصعد من وتيرة الشكوك بأن هناك اتفاقاً يحاك بين روسيا وأمريكا لتقسيم المنطقة مجدداً والخاسر كما حصل في بداية القرن العشرين العرب. وفي هذه المرة يكون المخرجان كيري ،لافروف. ويبقى الأمل الوحيد في تقارب اكثر بين دول مجلس التعاون وتكوين محور جديد يشمل مصر وتركيا والأردن للحيلولة دون كارثة تقسيم جديدة تدمر كل ما حصل من المنجزات خلال طفرات الثروة البترولية وتعيق النمو الاقتصادي والإصلاح السياسي الذي تنشده شعوب المنطقة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store