Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سياستنا الإعلامية لتعزيز الصورة الإيجابية للمملكة

استوقفني مقال الكاتبة دانيا الخطيب، مؤلفة كتاب (اللوبي العربي الخليجي في أمريكا)، المنشور في جريدة النهار اللبنانية بعنوان (كيف يمكن إصلاح الصورة المتردية للمملكة في أمريكا).

A A
استوقفني مقال الكاتبة دانيا الخطيب، مؤلفة كتاب (اللوبي العربي الخليجي في أمريكا)، المنشور في جريدة النهار اللبنانية بعنوان (كيف يمكن إصلاح الصورة المتردية للمملكة في أمريكا).
الفكرة الأساسية في المقال تقوم على ضرورة تغيير السرديات المرتبطة بالمملكة في أمريكا وذلك من خلال قضيتين رئيسيتين تقومان على مفهوم السرديات. والسرديات هي مفهوم ليس مرتبطاً فقط بالأدب والرواية والنقد، بل هو إطار تحليلي لفهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبشكل أكثر دقة، فالسرديات تعني القصص أو (الحواديت) التي تربط ضمن إطارها مجموعة الأحداث أو السياسات في إطار زماني-مكاني محدد. وهذه الأحداث لها منطق معين يمكن صياغته في شكل سردي، يساعدنا في فهم الأحداث والعلاقة بين المشاركين فيها.
الفكرتان اللتان طرحتهما الكاتبة واعتبرت أنهما مكونان رئيسان في السرديات التي تنشر صورة سلبية عن المملكة في أمريكا هما:
1- اتهام المملكة بدعم الأيديولوجيا المتطرفة.
2- اتهام المملكة بانخفاض مستوى احترام الحريات الفردية.
وتسوّق السرديات المضادة للمملكة هاتين الفكرتين وكأنهما حقائق أو مسلَمات، ثم تبني عليهما مختلف المواقف والاستنتاجات. إن مجرد نفي هذه التهم أو مجرد تقديم الحقائق التي تبرز عدم صدقيتها ليس كافياً لكي نحقق تحولاً جذرياً في الوعي الغربي تجاهنا. بل لا بد من تقديم سرديات مضادة تتسم بالتناغم المنطقي وبالمصداقية وبالانسجام مع القيم الإنسانية التي يتماهى معها الفرد الغربي.
لذا فإن ما ينبغي أن ننشغل به هو تطوير ونشر السرديات التي توصلنا إلى هدفنا في تغيير تلك الصورة النمطية السلبية عنا في الغرب.
ماذا يمكن أن نقدمه من سرديات تتناسب مع القيم الإنسانية العالمية؟ وما هي الطريقة التي نوصل بها هذه السرديات؟
هناك عدة خطوات يمكن لنا اتخاذها إذا أردنا أن نؤسس لسرديات إيجابية مناهضة لما هو متداول عنا إعلامياً من كوننا ندعم الأيديولوجيا المتطرفة ولا نحترم الحريات الفردية، أهمها:
1- عدم الاعتماد المفرط على شركات العلاقات العامة في إيصال سردياتنا الإيجابية، فهي ليست الجهة المناسبة كونها لا تمتلك المصداقية حيث إنها تقوم بأعمالها مقابل أجر مدفوع، ولا يثق فيها الجمهور الغربي.
2- دعم مؤسسات المجتمع المدني بفئاته المختلفة من رجال ونساء وشباب لتمثيل المملكة بشكل مستقل في الفعاليات السياسية والثقافية والاقتصادية من خلال المشاركة مع الجهات المماثلة لها في الخارج. والهدف من ذلك هو نشر سردية عامة من قبل جهات شعبية لا من قبل جهات حكومية أو شركات علاقات عامة لكي تكتسب هذه السردية موثوقيتها وقدرتها على الإقناع والتغلغل.
وكمثال على ذلك فإنه من الملاحظ أن نشر شركات العلاقات العامة أفلاماً ترويجية أو مقالات لتحسين صورة المملكة لم يكن فاعلاً أو ناجعاً بما يكفي وبما يتناسب وحجم الاستثمار فيه وبما يقنع المتلقي العام.
وكمثال آخر فإن زيارات الوفود الحكومية الرسمية (كزيارة أعضاء مجلس الشورى لنظرائهم في أمريكا) تظل أقل فعالية من المطلوب لتأسيس سردية إيجابية مضادة تعزز الصورة الإيجابية لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب ودعم الحريات الفردية. ويعود هذا القصور لسببين:
أولهما كون الجهة الموصلة لهذه السردية هي جهة حكومية تمثل مصالح الدولة. وثانيهما أن هذه السردية وجهت لفئة محدودة وليس للجمهور العام.
وإذا كان الهدف الأكبر من تغيير سياساتنا الإعلامية هو القيام بمقاربات فعالة تساعد على ترسيخ السرديات الكبرى التي تعزز الصورة الإيجابية للمملكة، فإن نقطة البداية ينبغي أن تنطلق من السرديات الفرعية نظراً لأهميتها في دعم السرديات الكبرى.
وكمثال على ذلك فإن السرديات المتداولة حول قيادة المرأة للسيارة أصبحت عنصراً مؤثراً في تشكيل الصورة السلبية، مثلها في ذلك مثل سرديات انعدام السينما والمسرح.
تمثل السرديات المعرفة والمفاهيم التي تعكس وعينا بالواقع في الوقت الذي تشكل فيه تصورات الآخرين حولنا. لذا فإننا نقوم أحياناً وعن غير قصد بخلق سردياتنا الفرعية السلبية والتي تجد طريقها في السرديات الغربية السلبية الكبرى حولنا، والتي ما برحت موجودة رغم الجهود التي تبذل لمكافحتها. ويتعين علينا الالتفات للسرديات الصغرى بذات القدر من الأهمية والتركيز كيما نشكل سردية كبرى جديدة وإيجابية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store