Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أوباما.. (حساء في سايجون)!

قبل أن يتوجَّه الرئيس الأمريكي أوباما إلى (سايجون) عاصمة فيتنام بأيام، في زيارته التاريخيَّة كنتُ أشاهد فيلمًا عرضته قناة «روسيا اليوم» يحمل عنوان: (كنتُ في داوننج)، عرضَ فيما عرض، جولة لجنود وضباط أم

A A
قبل أن يتوجَّه الرئيس الأمريكي أوباما إلى (سايجون) عاصمة فيتنام بأيام، في زيارته التاريخيَّة كنتُ أشاهد فيلمًا عرضته قناة «روسيا اليوم» يحمل عنوان: (كنتُ في داوننج)، عرضَ فيما عرض، جولة لجنود وضباط أمريكيين شاركوا في حرب فيتنام وهم يزورون المدن والقرى التي ارتكبوا فيها جرائمهم بحق الشعب الفيتنامي، ويلتقون بسكان تلك المدن والقرى، طالبين الصفح منهم، ويبدو أن الأبناء من خلال استقبالهم الحار لأولئك الجنود، لم يدركوا حجم المأساة التي تعرَّض لها آباءهم، حيث قلّدوهم بأطواق من (أضراس الجاموس).
لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هو: ماذا يريد الرئيس أوباما بزيارته هذه، وهو في مرحلة الاحتضار الرئاسي؟ وماذا سيضيف في زيارة هي الثالثة لرئيس أمريكي لدولة عصت عليهم، ورفضت أن ترفع راية التسليم؟ وقد سبقه في الزيارة الرئيسان (كلينتون، وجورج بوش) ٢٠٠٠ - ٢٠٠٦م.
لا شكَّ بأنَّه لم يذهب لفيتنام لكي يتناول الحساء التقليدي (بون تشا) في المطعم الصغير الكائن في هانوي -كما فعل في زيارته هذه- بل ذهب على أمل أن يجذب هذه الدولة، ويضمَّها كدولة حليفة، ويتَّخذ موقعًا إستراتيجيًّا في جنوب شرق آسيا، فكان قراره برفع الحظر عن مبيعات الأسلحة الأمريكيَّة لفيتنام مريحًا للجانب الفيتنامي الذي كانت علاقته بالولايات المتحدة يشوبها انعدام الثقة، والتوجُّس والخوف من الماضي، وفي الوقت نفسه أثار حفيظة الصين التي ترى أن قرار رفع الحظر موجَّه ضد مصالحها بالأساس، على خلفيَّة النزاع في بحر الصين الجنوبي، وقد تفاوتت الآراء التي تحدَّثت عن هذه الزيارة، فالبعض يرى بأنَّ فيتنام هي التي أجبرت واشنطن على المجيء إليها، بعد أن لوَّحت بالتوجُّه إلى روسيا لتوسيع وتعميق العلاقات بينهما، مستغلَّة التنافس بينهما، ولتجبر واشنطن على تغيير علاقتها السلبيَّة إلى إيجابيَّة. ويبدو أن «أوباما» قد اختار الوقت المناسب لزيارته، بعكس سابقيه الرئيسين «كلينتون، وبوش»، اللذين لم يُقدِّما ما يشفع لعودة بلد دمّرته آلتهم العسكريَّة ليقف إلى جانبهم ضد بلد منافس للغرب، لقد استغلَّ أوباما الكراهيَّة التي يكنُّها الشعب الفيتناميّ لجارتهم الصين، فأعلن عن استعداد بلاده لمدِّهم بالسلاح، بعد أن رفع عنها الحظر، ولكنَّه أيضًا قد تُسبِّب في إثارة الشعب الفيتنامي على حكَّامه، فقد وجدوا أن الفرصة سانحة لهم لكي يُطالبوا حكومتهم بتعزيز الحرِّيات، وأقاموا حفلاً غنائيًّا أحيته مغنية البوب «ماي موي» التي تعتبر من أبرز الناشطات دفاعًا عن الديموقراطيَّة، ردّدوا خلاله أغنية «هل نحن أحرار»؟!.
السلوك السياسي الجديد للرئيس الأمريكي أوباما أشبه بـ(بروستورايكا) غربيَّة، حركة إصلاح، استهدفت عودة العلاقات مع أعداء الأمس كزيارته لكوبا، والتعبير عن الأسف كزيارتيه لفيتنام، واليابان، وما أقسى الزيارة على أحفاد قاطني هيروشيما، ونجازاكي الذين ذهب ذووهم ضحية القنابل الذريَّة، وهم يشاهدون أوباما يُعاين مقر سقوط القنبلة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store