Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قوامةُ الرَّجلِ: فهمٌ مغلوطٌ وإسقاطٌ مخلٌّ!!

No Image

بين الفينة والأخرى تُثار قضيَّة (قوامة) الرَّجل على المرأة؛ استنادًا إلى فَهْم مغلوط لقوله تعالى: «الرِّجَالُ قوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ».

A A
بين الفينة والأخرى تُثار قضيَّة (قوامة) الرَّجل على المرأة؛ استنادًا إلى فَهْم مغلوط لقوله تعالى: «الرِّجَالُ قوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ».
في إحدى المساءات تربَّع أحدهم متحدِّثًا عن قوامة الرَّجل على المرأة، بعد أن وصف المرأة بأبشع الأوصاف وأشنعها، حتّى ظننت أنَّه يتحدَّث عن امرأة لا أعرفها، ولم ألتقِ بها، فقلتُ في نفسي: يا لكارثة هذا الفَهْم السَّقيم على مستقبل هذا الكائن الإنساني!! ويا لكارثة ما يبثُّه أمثال هذا الرَّجل من أفهام معتلَّة تتدَّاعى على مَن يعول؛ أمًّا، وزوجةً، وأختًا، وبنتًا..!!
إنَّ القوامةَ في أخصِّ خصائصها لا تخرج دائرة «قيام الرِّجال بحقوق النّساء عند الزَّواج»، ولا تنصرف -كما يروِّج بعض النَّاقصين والجَهَلة- خلاف ذلك، ممّن يتصدَّرون المجالس، ويتربَّعون مناكب الحديث، حتَّى حوَّلوا القوامة حجرًا، وتسلّطًا، واستبدادًا وعبوديةً، وتدخلاً سافرًا في شؤون المرأة، وتناسوا أنَّ للمرأةِ ولايتها الخاصَّة في مالها، ولها سلطانها على نفسها؛ فلا سلطان للرّجل مهما كان لا على دينها، ولا على اختيارها.
لقد تبارى المجتمع -خاصَّة في المجتمعات الذكوريَّة- على تأسيس دونيَّة المرأة في كلِّ شيءٍ بناءً على فهمٍ عقيمٍ لآية قرآنيَّة كريمة، خالفنا فيها مبادئ الحقوق والكينونة الإنسانيَّة، وأسقطنا عن صاحبة الشّأن كلَّ ما كفله الإسلام لها من حقوق تسمو عن شأنيَّة ذكوريَّة يروِّج لها بعض الرجال..
يقول الإمام أبو حنيفة: «كيفَ يُعطِي اللهُ المرأةَ حقَّ التَّصرفِ في مالِهِا ولا يُعطِيهَا حقَّ التَّصرفِ في نفسِهَا؟».
فأيّ مزية يحملها الرَّجل عن المرأة، غير ما صنعه الرَّجل نفسه على حساب امرأة؟!
وأيّ مزية يتفرَّد بها الرَّجل على المرأة إنْ لم تكنْ على حساب امرأة؟!
لقد قالها الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وتغافلنا عنها، وتمثَّلها وأسقطناها: «أنا ابن العواتق من سليم».
فأوَّل مَن آمنَ برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- امرأة؛ أليست خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-!!
وأوَّل مَن استشهد في الإسلام امرأة؛ أليست سمية أم عمار بن ياسر!!
وأوَّل أَميْنة على رقاع القرآن الكريم امرأة؛ إنَّها صفيَّة -رضي الله عنها-.
وأوَّل أمينة للسِّر في بدء الدعوة المحمديَّة هي أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنهما-!
وأهمُّ وأجلُّ راويةٍ للحديثِ الشَّريف امرأة؛ إنَّها السَّيدة عائشة -رضي الله عنها-!
في هذا السّياق ينبغي أن نتذكَّر موقف الرَّسول -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- في صلح الحديبية حينما قدَّم رجاحة عقل امرأة، وصوابية منهجها، وهو يقبل عليها مستشيرًا، بعد أن انقسم الصَّحابة في أمرهم، ففعل -عليه الصلاة والسّلام- بمشورة أم سلمة؛ حسمًا للجدل والخلاف!!
فهل يحقُّ لنا، ونحن نتربَّع المجالس، ساقطين على المرأة كمًّا من المسبَّة، والمذمَّة، والنّقصان، والدُّونية، ونتجاهل عن عمدٍ قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «مَا أكرَمَهُنَّ إلاَّ كَريمٌ ومَا أهَانَهُنَّ إلاَّ لئيمٌ»؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store