Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سرديات حول المرأة السعودية في الإعلام

طرحت في مقال الأسبوع الماضي مفهوم السرديات باعتباره إطاراً حديثاً ومنهجاً إعلامياً يمكّننا من إصلاح صورتنا المتردية في الإعلام الغربي.

A A
طرحت في مقال الأسبوع الماضي مفهوم السرديات باعتباره إطاراً حديثاً ومنهجاً إعلامياً يمكّننا من إصلاح صورتنا المتردية في الإعلام الغربي. وقد اتضح لي بعد النقاش حول المقال مع أحد الزملاء الكتَّاب أن المقالة لم توصل الفكرة بالشكل المتوقع أو المرجو، ربما لغموض في العبارة والصياغة، أو لحداثة هذا المفهوم في دوائرنا الإعلامية وطبيعة مفهوم السرديات التجريدي بعيداً عن الأمثلة التي من شأنها توضيح المفهوم تداولياً. وفي محاولة لمعالجة هذا الجانب، أعيد اليوم طرح ذات المفهوم باستخدام مثال حي لما يطرح في إعلامنا حول المرأة السعودية من قصص تشكِّل سرديات قد تكون في محصلتها سلبية في الوقت الذي نعتقد أنها إيجابية.
بداية لا بد من الأخذ في الاعتبار بأن العالم أصبح مفتوناً بل وشديد الفضول لمعرفة المزيد عن المرأة السعودية، وفي ذلك الافتتان والفضول أضحى يلهث خلف كل ما ينشر من قصص عن المرأة في إعلامنا. أفضل مثال على ذلك ما أصبح يتردد في إعلامنا المحلي من قصص نجاحات المرأة السعودية في الخارج. أسوق بعض الأمثلة وهي غيض من فيض، العالمة غادة المطيري تتبوأ مركزاً مرموقاً في معهد أمريكي عالمي، لمى يونس تؤسس مركزاً للأعمال في دبي، الدكتورة ثريا عبيد رئيسة صندوق الإسكان في الأمم المتحدة، أفنان الشعيبي تترأس غرفة التجارة العربية البريطانية. ومؤخراً برزت سارة باعشن برئاستها لمحادثات الأمم المتحدة بشأن السياسات المناخية.
بكل تأكيد إن ما قامت به هؤلاء النساء السعوديات أمر يبعث على الفخر والاعتزاز ولكن هذه ليست هي كل القصة. الجزء غير المكتوب في هذا النمط من السرديات حول المرأة السعودية، والذي يسهم في تشكيل سردية سلبية، هو ما يرشح في الوعي واللاوعي بأن السبب في ظهور هؤلاء النساء السعوديات في الخارج وليس في السعودية هو ضعف فرص المرأة في تحقيق هذه النجاحات داخل بلدها، مما يعني وجود بيئة طاردة للتفوق النسائي في الداخل. وبالتالي فهذه قصة تضاف إلى القصص السلبية لوضع المرأة السعودية. .
أما الأمر الأكثر فداحة فهو تهليل إعلامنا لإنجازات النساء السعوديات في الخارج بصورة مبالغٍ فيها مما يثير السخرية لدى المتلقي الغربي ويشكل سردية سلبية بالرغم من إيجابية الحدث في حد ذاته. وكمثال على ذلك أشير لخبر نشر في صحيفة الحياة يوم الأحد ٢٩ مايو ٢٠١٦ تحت عنوان لا يرقى للعمل الصحفي الجيد (سعوديات يبهرن العالم .. الكريع بـ «علامة علمية خارقة» ومرزبان بالخلايا الجذعية). الخبر الصحفي دون مبالغة يشير إلى عرض الدكتورة خولة الكريع علاجاً للسرطان في المجمع الدولي للسرطان وفوزالباحثة ياسمين مرزبان لتقديمها بحثاّ علمياً عن الخلايا الجذعية.
إن هذه القصص وطريقة صياغتها وطرحها إعلامياً تبني سرديات سلبية عن المرأة السعودية حيث أن الانبهار والمبالغة الفجة في نقلها إعلامياً تعكس صورة نمطية لعدم توقع نجاح المرأة.
على إعلامنا أن يسهم في دعم نجاحات المرأة السعودية في الداخل والخارج بصورة تحترم قدراتها ولا تنحو نحو المبالغة التي تفقد الخبر صدقيته في ذهن المتلقي. ما نحتاجه في إعلامنا اليوم هو الموضوعية في الطرح، وإشراك الجمهور والمؤسسات المستقلة في التعامل مع نجاحات مواطنينا بشكل متوازن يزحزح شيئاً فشيئاً صورتنا النمطية المتجذرة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store