Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتقاعد

كتبت مقالة في هذه الصحيفة الغرَّاء بتاريخ 28/‏6/‏1437هـ، عنوانها: «متقاعدون: ستة أشهر بدون رواتب»، تحدَّثت فيها عن معاناة من يتقاعدون فجأةً بسبب مرض ألم بهم، أو لظرف عائلي ملحٍّ، كحاجة ابنة للمتقاعد إ

A A
كتبت مقالة في هذه الصحيفة الغرَّاء بتاريخ 28/‏6/‏1437هـ، عنوانها: «متقاعدون: ستة أشهر بدون رواتب»، تحدَّثت فيها عن معاناة من يتقاعدون فجأةً بسبب مرض ألم بهم، أو لظرف عائلي ملحٍّ، كحاجة ابنة للمتقاعد إلى مرافق إن كانت مبتعثة، أو سوى ذلك. وبيَّنت أن إجراءات التقاعد، والبدء في صرف الراتب التقاعدي من المؤسسة العامَّة للتقاعد قد تستغرق ستة أشهر، وربما أكثر، وعليه فإنَّ المتقاعد لا يتلقَّى أيَّ راتبٍ خلالها، ويكون في معظم الأحوال في أمسِّ الحاجة إلى أيِّ مبالغ تعينه على مواجهة الظروف الاستثنائيَّة التي دفعته للتقاعد فجأةً، ومثَّلتُ بعدد من المتقاعدين الذين استغرق إنجاز معاملاتهم في وزارة الخدمة المدنيَّة أكثر من ستة أشهر، ولم تنجز حتى كتابة هذه السطور، وألمحتُ إلى ملاحظة مهمَّة جدًّا تتَّصل بإعادة المعاملة الخاصَّة بالمتقاعد إلى جهة عمله لوجود ملاحظة فيها، وإرسالها إلى جهة العمل، وإعادتها من جديد قد تستغرق شهرًا إلى شهرين؛ لأنَّها ترسل بالبريد، مما يُعرِّضها للضياع كما حصل للبعض، والأدهى أن تُعاد المعاملة إلى جهة العمل مرَّتين أو أكثر، وفي كلِّ مرَّة يكون لوزارة الخدمة المدنيَّة ملاحظة جديدة، دون أن تُحصي الملاحظات جميعًا دفعةً واحدةً، ويوفّر ذلك الجهد والمال، ويعجِّل في إنجاز معاملة المتقاعد الذي يعدُّ الليالي في انتظار نزول راتبه الذي يكون في أمسِّ الحاجة إليه، تلك هي الصورة المجرَّدة التي ظهرت في مقالتي المشار إليها، والواقع أنَّ مَن يزرْ وزارة الخدمة المدنيَّة بالرياض، وقسم البيانات الوظيفيَّة -تحديدًا- يدركْ الأسبابَ الواقعيَّة وراءَ تأخُّر المعاملات بهذا الشكل، فالموظَّفون الذين يراجعون المعاملات التي تبلغ الآلاف، قلّة، بل هم قلّة قليلة جدًّا، ولستُ مبالغًا إن قلتُ إنَّهم اثنان أو ثلاثة، تُصبُّ عليهم المعاملات صبًّا من كلِّ الوزارات، والمصالح، والإدارات الحكوميَّة من كلِّ أنحاء المملكة، حتَّى ترى أرتالاً من المعاملات أمام كلِّ موظف. والمفترض به أن يدقِّق كلَّ معاملة، بحيث لا يكون فيها أيُّ نقصٍ، أو خطأ يترتَّب عليه الإخلال بحقوق المتقاعد أو تأخيرها، وأمام هذا الكمِّ الهائل من الأوراق، لا يكون مستغربًا أن يخطئ الموظَّف، أو تفوت عليه ملاحظة، ولا يكون مستغربًا أن يتأخَّر إنجاز المعاملات لشهور، قبل أن تحوَّل إلى المؤسسة العامة للتقاعد، علمًا بأنَّ مدير إدارة البيانات الوظيفيَّة يسعى جاهدًا لإنجاز المعاملات بسرعة وفاعليَّة، ويمتلئ مكتبه بالمراجعين طوال ساعات الدوام، ويستوعبهم، ويسهِّل مهمَّاتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ويظهر هنا السؤال الملحّ: ولِمَ لا تكون المعاملات إلكترونيَّة، فتُنجز في دقائق بدل الشهور، وحين تسأل هذا السؤال في وزارة الخدمة المدنيَّة، يكون الجواب بأنَّ كثيرًا من الجهات الحكوميَّة الكبيرة لم تطبِّق، ولا تريد أنْ تطبِّق الحكومة الإلكترونيَّة، ومازالت تعتمد على المعاملات الورقيَّة، ولا يُعقل أنْ تتعامل وزارة الخدمة المدنيَّة بنظامين: ورقيّ وإلكترونيّ، أمَّا إن وصلت المعاملة بعد جهد جهيد إلى المؤسسة العامَّة للتقاعد، فتكون الصورة مختلفة تمامًا، ومبنى المؤسسة يقع خلف مبنى الوزارة مباشرة، ولكن: شتَّان بين مشرّق ومغرّب، إذ تحسُّ في مبنى المؤسسة بأنَّك في فندق: سبع نجوم، مبنى ضخم فخم، وبهو فسيح، وصالة استقبال عصريَّة، ومقاعد وثيرة للمراجعين، والأهم من ذلك أنَّ المعاملة تُنجز في عشر دقائق، نعم عشر دقائق لا أكثر! بينما قد تستغرق عشرة أشهر، أو يزيد في الخدمة المدنيَّة، والحلّ أن تلزم كل الجهات الحكوميَّة المتعاملة مع الخدمة المدنيَّة بالحكومة الإلكترونيَّة تحت طائلة عدم الالتفات لمعاملاتها الورقيَّة، أو زيادة موظفي الخدمة المدنيَّة إلى عشرة أضعاف على الأقل، وإلاَّ فسيبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store