Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل أسلم الراديو أم كفر التلفزيون؟!

رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير.

A A
رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير.
لن تستطيع مشاهدة مذيع الراديو ولو أمعنت في الجهاز ساعتين وبحلقت.. أليس كذلك؟! فأنت تسمعه ولا تراه.. تتعامل كثير من موجات الراديو في رمضان مع الله، وكأنَّه يسمعهم ولا يراهم -حاشا لله- يلحُّون عليه بالإسلاميَّات، وبالطلب، وكل الموجات تنادي يا الله! وهذا فعل في ظاهره حسن!
ليلة رمضان مع أمي في مكة لأمر «دنيوي» ماديّ بحت، نبتغي به الدار الآخرة! قلّبْتُ كلَّ موجات الراديو في سيارة الوالد، كلها انقلبت تناجي ربها، وقبلها بساعتين في آخر نهارات شعبان كانت تضجُّ بكلِّ ما تطرب له الأذن، ويُمتِع القلب، ويثري العقل من موضوعات حياتيَّة تهمُّ لأمري الدنيا والآخرة.
توقَّعت أن اختلاف المدن غيَّر الموجات، وأني مخطئ، تأكَّدت بالبحث الآلي واليدوي، فإذ بهم كلّهم مسلمون إسلامًا صادقًا، قانتون خاضعون.. ياالله! وجدتُ الإصرار على الاحتفاء بليلة رمضان بهذه الصورة المخادعة في ظرف ساعتين.. وكأنَّ نهارنا كان كله «كفرًا» بحسب هذا المفهوم، وهذا العمل.
وصلتُ البيتَ، تنقلتُ بين أكثر من قناة مفضلة، فوجدتها تتفنن بعرض برامجها المميَّزة وبجرأة أكبر، وبعضها أكثر تفسخًا.. فهل هذا أيضًا من الإسلام؟! أم أن التلفزيون «كافر» مقارنة بالراديو؟!
آمنتُ أن العلاقة هنا مع الله حسب الأداة وطبيعة عملها.. فالتلفزيون جهاز مرئي، القائمون على برامجه مجاهرون بأفعالهم، لا يستطيعون إلاَّ المجاهرة بنواياهم وأفعالهم، بعكس الراديو فقد انكفأ أصحابه، واستحيوا من المجاهرة بما يرونه ضياعًا لا يليق بإسلامهم في رمضان -رمضان وحده- وسينفجرون فرارًا إلى عهدهم ودينهم السابق قبل رمضان فور إعلان ليلة العيد.. وكأنَّ الله لا يسمعهم ولا يراهم -حاشا لله- وهو الأقرب إليهم من حبل الوريد!
أمَّا أهل التلفزيون فيبدو أنَّهم صادقون مع أنفسهم في رمضان وغيره، وربما أمعنوا في (إسلامهم) في رمضان، وتعاملوا معه بما يليق! و»قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ «!
كل شيء في رمضان عجيب! من رحمات، ومن مفارقات!
وعلى جماليات السفر وروحانيتها، تجد آخرين يجمعون حقوق الناس، ويُحكِمون عليها أطراف ثيابهم؛ فإذا ما أتى رمضان نثروها -تطوُّعًا- في السُّفر لتستحيل تمرًا طاهرًا في أجواف الناس، وفحمًا في حلوقهم هُم وفي بطونهم!
يردِّدون في دعاء القنوت: «ربنا جمعنا هذا من حق عبادك.. فأدخلنا جنتك»!.. فالخطاب مع الله هنا بالأفعال، لا بالأقوال!
وسأظل مع بداية كل رمضان -إنْ كَتَبَ اللهُ الحَيَاةَ- أذكِّر بهذا الفعل الرديء، وأتفحَّص وجوه العباد، والقنوات بأنواعها مع كل قنوت؛ لأتعجَّب أكثر من «الإسلام الجديد»، وأتأمَّل حِلم القوي الشديد. حتى يُسلِم كل من في الراديو والتلفزيون إسلامًا صحيحًا صادقًا.. أو يكفروا بأفعالهم كفرًا بيِّنًا حتى نعرف الحق من الباطل.. أو حتى يأتي وعد الله!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store