Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مذبحة أورلاندو وتداعياتها

مهما حاول المتابع للأحداث العالمية من حوله النأي بنفسه عن مجريات الأمور بالولايات المتحدة الأمريكية لأنه يريد مثلًا أن يقتطع وقتًا ثمينًا يخصصه لصيام راقٍ يدع فيه كل المحذورات، ويكثر فيه من تلاوة القر

A A
مهما حاول المتابع للأحداث العالمية من حوله النأي بنفسه عن مجريات الأمور بالولايات المتحدة الأمريكية لأنه يريد مثلًا أن يقتطع وقتًا ثمينًا يخصصه لصيام راقٍ يدع فيه كل المحذورات، ويكثر فيه من تلاوة القرآن وبقية الصالحات الباقيات، وليتحقق بالتقوى وبمزيد الإيمان، يجد نفسه مشدودًا بشكلٍ أو بآخر إلى ما يجري في تلك الديار النائية عنّا جغرافيًا، الحاضرة معنا في بيوتنا إعلاميًا، المؤثرة في صنع واقعنا العربي والإسلامي على مدار الساعة.
هذه المرة نقلت الفضائيات العربية والعالمية أنباء المذبحة المروعة التي وقعت بنادِ ليلي للشاذين، في تمام الثانية فجرًا من يوم الأحد الماضي، ففتح المهاجم على مرتادي النادي النار من سلاح أتوماتيكي (رشاش) ذهب جراءها ما يزيد عن 100 شخص بين قتيل وجريح، واعتبرت العملية أكبر عملية قتل جماعي نفذها شخص واحد في تاريخ الولايات المتحدة، ولم يتردد المرشح الأمريكي الجمهوري المتعصب دونالد ترامب -الذي يمثل عشرات الملايين من اليمين المتعصب الأمريكي الكاره للإسلام- في المسارعة بوصف الإسلام والمسلمين بالعنف والدموية، وبكل ما لا يليق من أوصاف كاذبة ومختلقة، والداعي إلى طرد المسلمين من الولايات المتحدة الأمريكية دون استثناء.
قال والد عمر متين: إن دوافع ابنه الذي لم يعرف عنه العنف سابقًا، وذي السجل الأمني النظيف، والذي عمل في مؤسسة أمنية أمريكية لسنوات، وأنه مرخص لحمل السلاح في إطار العمل، هو رفضه لمناظر الشذوذ التي كانت تُمارَس في الفضاء العام أمام ابنه الصغير.
ادّعى تنظيم داعش الإرهابي نسبة العملية إليه، في الحين الذي أكدت فيه زوجة عمر متين السابقة بأن زوجها السابق كان ملتزمًا دينيًا، إلا أته لم يكن في يوم من الأيام متطرفًا دينيًا، ولو انتهت التطورات الأمنية والسياسية عند هذا الحد، لاكتفينا بما شاهدنا ولانشغلنا بمصائب الأمة المستدامة في العراق وفي فلسطين وفي سوريا وفي اليمن وفي ليبيا.. الخ، وربما اكتفينا بالقول: ما أكثر تلك الوقائع في الولايات المتحدة الأمريكية فهي أكبر مُصدّر في العالم للعلل، لكنّ بالنسبة لنا كمسلمين سواءً ممن يعيشون بشكل دائم في أمريكا أو لبقية مسلمي العالم، فإننا نتوقع أن يكون للعملية تداعياتها الجائرة في حق الإسلام والمسلمين.
إن في استغلال دونالد ترامب للحادثة ووقوف اليمين المتطرف الأمريكي له ما يعود بالذاكرة الجماعية للماضي القريب إلى أحداث 11 سبتمبر 2001م، وما ترتب عليها من حروب واحتلال وتدمير للبنية التحتية لبلاد إسلامية عديدة أرجعتها لقرون ماضية، ما يبعث على التوجس، وصحيح أن أمريكا ذاتها لم تعد في نفس قوتها ومهابتها السابقة، ولا الساحة العالمية كما كانت وقتذاك، ولا الكثير من التحالفات السابقة على ما كانت عليه، إلا أن الغرور والعدوان للمتطرفين الأمريكيين في تزايد وتنامٍ يستدعى أقصى درجات الحيطة والحذر.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store