محمد علي.. البطل والرمز

محمد علي لم يكن مجرد بطل في حلبة الملاكمة انتزع ألقابه من مشاهير مصارعة الملاكمة العالميين في زمانه عن جدارة وبقي صيته وتفوقه محفوراً في قائمة الشرف وفي ذاكرة معاصريه الى الأبد ،ولكنه كان رمزاً للنضال ضد جبروت القوة في بلده ، حيث رفض الذهاب الى فيتنام حتى ولو كلفه ذلك الرفض لقبه العالمي والميدالية الذهبية الأولمبية وغيرها من الأوسمة التي أوصلته الى منصات التفوق الاولمبي وسجنه ومنعه من الملاكمة لمدة ثلاث سنوات. وقبل ذلك كان رمزاً للنضال ضد العنصرية البغيضة ضد السود في المجتمع الأمريكي حيث قال في حينها «ان الميدالية الذهبية التي نلتها باسم أمريكا لم تشفع لي لشراء همبرقر من المقصف». وفوق كل ذلك كان رمزاً اسلامياً عبَّر عن انتمائه بكل فخر واعتزاز وبلغة فصيحة نافذة الى أذهان الاجيال متحدياً نعرة العنصريين المناوئة للإسلام والمسلمين في المجتمع الامريكي وفي أنحاء العالم. وقد شكل إسلام محمد على ومالكم إكس نقطة تحول لدى المسلمين في شمال أمريكا لعدة أسباب منها التوجه السليم وبلاغة المنتمين وقدرتهم على الاقناع وتوفر الجو السياسي الذي أتاح لهم من يستمع إليهم ويعتنق الإسلام عن قناعة. انتشرت الدعوة في السجون لدرجة أن بعض السجناء من خلفية إفريقية يدخلون السجون مجرمين ويخرجون تائبين مسلمين ملتزمين. رابطة المسلمين في شمال أمريكا من أكبر المنظمات الاسلامية في العالم وأكثرها نشاطاً وفعالية مقرها الرئيسي مدينة شيكاغو حيث تعقد أكبر مؤتمراتها الدورية.محمد علي كان ملهماً ومحركاً لمشاعر الشباب في أمريكا وفي كل أنحاء العالم.أثبت وجوده مهنياً واجتماعيا ودينياً. الشهرة والثراء لم تغير محمد علي الى الأسوأ كما حصل لغيره من المشاهير. بل انها جعلته يستمر في التألق وتوظيف كل ما حققه لخدمة المبادئ التي اعتنقها وناضل من أجلها عن قناعة. الإسلام منحه الثقة بالله ثم بالنفس وأكسبه جمهوراً وشعبية عالمية حتى أصبح ليس مجرد بطل في حلبة الملاكمة ولكنه بطل في معركة الحياة ضد الفقر والظلم والمرض الذي عانى منه لمدة طويلة حتى قضى وهو على دين الإسلام. وأخيراً هل تعتذر أمريكا لمحمد علي عن ما لحقه من جراء مواقفه النبيلة أسوة بمارتن لوثر كنج البطل الزنجي الذي اغتيل برصاصة غاشمة وظل اغتياله في حكم المجهول؟ لقد أجاب محمد علي على كل الأسئلة التي واجهته بلغة شعرية بليغة وصمود بطولي في داخل حلبة الملاكمة وخارجها. الجم أعداءه ورفع من معنويات أنصاره ومشجعيه في أرجاء المعمورة. عاش بطلاً ومات رمزاً لنضال الحرية والعدالة في بلد المتناقضات وعالم الهيمنة والاضطهاد. وفي شهر رمضان المبارك يتوجه المسلمون في كل مكان بطلب الرحمة والمغفرة والعتق من النار للمسلمين عامة ومحمد علي كلاي البطل الرمز الذي اعتنق الإسلام في ظروف صعبة وثبت على ذلك حتى توفاه الله... رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.