Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شركات التسول في شوارعنا

لا أحد يستطيع أن يُنكر أن مُشكلة التسول في مُجتمعنا أصبحت ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولكن الملمح المُتطور في هذه الممارسة غير الحضارية يكمن بالتنظيم الذي أخذ طريقه في تجنيد الأعضاء المُنفذين م

A A
لا أحد يستطيع أن يُنكر أن مُشكلة التسول في مُجتمعنا أصبحت ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولكن الملمح المُتطور في هذه الممارسة غير الحضارية يكمن بالتنظيم الذي أخذ طريقه في تجنيد الأعضاء المُنفذين من قبل المُخططين؛ بمعنى أن المسألة تحولَّت من كونها «حاجة فردية» تسد رمق جوع المُحتاج إلى «تجارة رابحة» تمتهنها فئة ارتهنت للكسل ورضيت بالعيش على هامش الحياة، ووجدت في هذا المسلك المُشين ضالتها وتحقيقاً لأهدافها بأسهل الطرق ودون مخاطرة في ظل غياب مكافحة التسول المُريب الذي ليس ببعيد عن تواري مكافحة حماية المُستهلك.
والعجيب في الأمر أننا نُشارك في زيادة رأس مال هذه الشركات الوهمية بطواعية غريبة، وبنشوة التقوى وطلب المغفرة وتعزيزاً لفعل الخير التي أُغلقت أبوابها المُشرعة في الكثير من المساقات في تراخٍ مُخِل منا لا يُبرره سوى أننا لا نُريد أن نبحث عن المكان الأصح لصدقاتنا وزكاتنا؛ بل نكتفي بمنحها عند مصادفة أول شخص نظن من خلال رَثِّ ملابسه وطبيعة عمله البسيطة أو إعاقته التي تم اكتشاف زيفها عند الكثير أنه الأولى بها، وهو في حقيقة الأمر لا يعدو كونه عضواً عاملاً في منظومة ربحية يتقاضى على إثر ما يجلبه لها راتباً مقطوعاً أو نسبة مُحددة.
ما دفعني للحديث عن هذه الظاهرة هو النشاط المُنقطع النظير الذي يُمارَس في هذا الشهر الكريم؛ فالروحانية التي يعيشها أفراد المُجتمع دفعتهم للبذل الكبير دون تمحيص استحقاق من يدفعون لهم، فترى المتسولين في المساجد وعند إشارات المرور وبالقرب من أجهزة الصِرافة، بل وصلوا لطرق أبواب الأسر الخاصة؛ على اعتبار أن هذا موسم لن يأتي في العام إلا مرة واحدة ، إضافة إلى ذلك فقد بعث لي أحد الزملاء مقطع فيديو لعمال النظافة في الحرم المكي؛ يُظهرهم فيه تحولهم من عُمَّال نظافة إلى جُباة دراهم من المعتمرين، وحتماً مثل هذا السلوك سينعكس سلباً على أدائهم لعملهم الرسمي، والمُخجل أن المُستفيد من خدمتهم هو من أفسد خدمتهم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store