Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

زلزال الاستفتاء البريطاني!

التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصيب أوروبا في العمق وينذر بمرحلة عدم استقرار عالمي في أسواق المال والأعمال لأن تداعيات الأسواق المالية والعملات ستمس الحياة الاجتماعية والأسعار، وقد لا

A A
التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصيب أوروبا في العمق وينذر بمرحلة عدم استقرار عالمي في أسواق المال والأعمال لأن تداعيات الأسواق المالية والعملات ستمس الحياة الاجتماعية والأسعار، وقد لا يحقق آمال مؤيدي الخروج من أوربا بالشكل السريع والمستوى الذي يتطلع إليه من صوَّت ضد البقاء في أوروبا.
مسيرة انضمام بريطانيا كانت شاقة وقرار الانضمام لم يأتِ بسهولة وممارساتها داخل السوق والاتحاد الأوربي كانت تحيط بها نزعات الهيمنة بناء على التاريخ البريطاني وعلاقتها بالعالم من جهة وبأوروبا من جهة أخرى. علاقة دول مجلس التعاون الخليجي الاقتصادية والسياسية مع بريطانيا عميقة وسيكون هناك تداعيات سلبية على تلك العلاقات الثنائية والجماعية لأن التوجه كان للاتحاد الأوروبي بمجمله بعملة واحدة وقرار مالي مركزي والآن أصبح من الضروري التعامل مع لندن كمركز مالي مستقل ومع بروكسيل بثقلها الاقتصادي والسياسي. مرحلة الخروج قد تستغرق عامين والمنطقة العربية تمر بظروف صعبة وأي ضغوط في التعاملات الثنائية مع الدول الأوربية ستزيد من مصاعبها وتعقد الحلول المأمولة للحروب الدائرة وعشرات الألوف من المهاجرين الى سراب الجنة الموعودة في احضان مجتمعات أوروبية تحركها الدوافع العنصرية وفقد السيطرة وقلة الدعم من أمريكا التي تعاني من مشاكلها الداخلية الخاصة في مرحلة انتخابات مثيرة للجدل.
الاستفتاء اجراء ديموقراطي مؤسسي يمنحه القانون ويحمي نتائجه بدون الدخول في صراعات من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت منذ الحرب العالمية الثانية حيث ساد الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي بدرجات متفاوتة في كل الدول الأوروبية. قوة ألمانيا سياسيا واقتصادياً تقلق الأوروبيين تخوفاً من عودة طموحاتها السابقة للسيطرة على القارة الاوروبية بحثاً عن نفوذ عالمي يعيد تاريخ النصف الأول من القرن العشرين.
في زمن العولمة لم تعد الحدود الطبيعية تعني شيئاً لانسياب التجارة وانتقال البشر إلا حسب ما تمليه مفاهيم السيادة الضيقة وهذا من أهم العوامل التي دفعت نصف الشعب البريطاني لأن يصوت للخروج من أوروبا بنسبة 2% تقريباً وذلك يعني انقساماً حاداً في داخل بريطانيا قد يكلفها الشيء الكثير عندما تعود الجزر البريطانية لحجمها الجغرافي الطبيعي. بعض المراقبين يرون أن ما حصل بداية تفكك الاتحاد الأوروبي ولكن موجة العولمة لم تقتصر على أوروبا بمفردها ولكنها طوفان اجتاح الكرة الأرضية بمجملها ولن تبقى حصون أوربا العتيدة بعيداً عنه بكل ما تحمله من إرث تاريخي وابتكارات خلاقة دفعت بالتطورات الانسانية الى مستواها الراهن.
بريطانيا زرعت للعرب «إسرائيل» وللهند والباكستان «مشكلة كشمير» وخروجها من الاتحاد الأوربي قد يكون بداية العد التنازلي لكتابة التاريخ من جديد عندما ينفرط عقد الاتحاد البريطاني وتخرج «اسكوتلندا» وتنضم لأوروبا. احتمالات كثيرة لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.
مجلس التعاون الخليجي عليه أن يراقب ما يحصل في أوربا عن قرب ويتخذ الاجراءات اللازمة للحد من آثار ما يحصل على الاستثمارات والالتزامات الاقتصادية والسياسية مع الجانبين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الجديدة في آن واحد.
والدرس المستفاد أن الديمقراطية وصناديق الاقتراع هي الحل وليس فوهات البنادق والمتفجرات والاقتتال من أجل الاحتفاظ بالكراسي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store