صوت الوسطية

نماذج عديدة مشرفة من علمائنا نعتز بهم اعتزازاً لا حدَّ له ومن هؤلاء الفضلاء الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصيّن رحمه الله رحمة الأبرار الذي ترك إرثاً ضخماً من القيم والفضائل قَلَّ أن تجدها في غيره، ودروساً يتعلمها المرء في الصدق والأمانة والزهد والعفَّة. وقد صدر في مطلع هذا العام الهجري الحالي عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كتاب قيِّم بعنوان (صوت الوسطية.. السيرة الفكرية والنموذج الإنساني للشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصيّن) شمل سيرة هذا الرجل العطرة، مولده ونشأته ودراسته في دار التوحيد في الطائف ودراسته في القاهرة وعمله في وزارة المالية ثم توليه رئاسة شؤون الحرمين ورئاسة مركز الحوار الوطني كما شملت موقفه من بعض المعاملات المصرفية ومنهجه في الكتابة والتأليف. كما شملت فصول الكتاب : التمييز والطبقية، الإسلام وإشكاليات التعددية الثقافية، دعوى الإخلال بالنظام العام بين الحقيقة والتبرير، وريادته للحوار بين الوسطية والاعتدال وتجربة الشيخ يرحمه الله في الحوار مع الآخر في مركز الحوار الوطني.
هذا الكتاب كان ثمرة جهد الفريق البحثي الذي كُلّف بإعداد الكتاب حيث التقوا في الأماكن التي عمل بها الشيخ وممن عاصروه في العمل وغير ذلك مما استوجبته مهمتهم، وإني هنا أُهنئ الفريق على هذا الإنجاز وأغبطهم على الأوقات الجميلة التي عاشوها في البساتين المثمرة التي غرسها صالح الحصين ليصلوا إلى ملامح من شخصيته وسيرته وفكره وثقافته الواسعة. لقد قام بتقديم الكتاب فيصل بن عبدالرحمن المعمر الأمين العام للمركز وهو الرجل الذي عمل بجواره فترة من الزمن ووصفه بأنه من القلائل الذين مارسوا المعرفة كإبداع، ولهذا كان يُعمل فكره ويحرر رأيه في الناس برؤية عقلانية ويبنى جسوراً مع الجميع لإيمانه العميق بأن حب الناس ومعايشتهم هي المظهر الأعمق لتأكيد مفهوم المعاملة. ولمن لم يتسع وقته لقراءة الكتاب المحتوى على 235 صفحة – وقد تم إخراجه بشكل رائع – أن يطلع على التقديم وذكريات ومواقف الشيخ الحصين لمعالي الشيخ عبدالله المطلق رئيس مجلس الأمناء بالمركز ونماذج لمقتبسات من الصحف وبعض المواقع الإلكترونية لمجموعة من الكتاب والمفكرين. في حقيقة الأمر أن صالح الحصين لازال يعيش بيننا بمآثره وفضائله، إنه الأيقونة لصوت الوسطية.