فوائد الاختلاط

الثقافة هي منبع العلوم وآفاق لمداركه، وكلَّما زادت الثقافة لدى البشر أصبح من السهل التغلب على الكثير من المصاعب التي تواجهنا، والتعامل معها بشكل جيد والاستعداد الكافي لأيّ ظروف طارئة قد تحيط بنا، والثَّقافة كما عرفها معجم اللغة هي: العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحذق فيها، وارتبطت أيضًا بالحضارة والتاريخ والتراث الإنساني على مر العصور، وكلَّما تطوَّرت الثقافة تطور معها الوعي المواكب للتطوّر، ووظفت في المكان والزمان المتناسب معها.
والثقافة هي المصدر الأساس للعلم والعلماء التي نبعت من أصول الدِّين، وتعاليم القرآن الكريم، والسنة النبوية، وأخذت تنمو وتزدهر مع التوسعات والفتوحات الإسلاميَّة في المشرق والمغرب وتندمج معها الحضارات المختلفة وتسقي العالم نتائجها التي تسابقت عليها الأمم العربيَّة والإسلاميَّة وأيضًا الغربية حتى وصلت إلى درجات عُليا في العلم والتقدم التكنولوجي الذي نعيشه اليوم.
والاختلاط المباح بين هذه الثقافات مطلب لكل فئات المجتمع لمواكبة مراحل العلم والتعلم المتقدم والاحتياج، ومن ينكر هذا الاختلاط، أو يشكك فيه عليه أن يعيش منعزلاً بلا كهرباء أو ماء أو اتصال، أو حتى مواصلات لأنّها جميعها تعتبر من نتاج اختلاط الثقافات العالمية التي تتعدد بها الأجناس والجنسيات، والتوجه الى مناهل العلم في كافة بقاع هذا الكوكب الأرضي تقدم إليه الكثير من علماء هذه الأمة وفي كافة المجالات الدينية والدنيوية وكتب التاريخ تحمل بين طياتها شواهد لا يمكننا تجاهلها أو محوها.
أن الكثير من أبناء هذه الأمة بمختلف جنسهم وجنسياتهم، وألوانهم استطاعوا التلاحم مع الثقافات المختلفة والاستفادة منها وتسخيرها إلى ما فيه الفوائد المتعددة وتحقيق النجاحات وبراءات الاختراعات والسبق، ولنا كامل الحق بأن نفخر ونعتز بهم كأمة إسلاميَّة وعربيَّة، ونقدم لهم الدعم، ونحث أبناءنا على مواصلة التقدم لتطوير ثقافتهم بما يخدم وطنهم وأمتهم بما يتماشى مع تعاليم، وأسس ديننا وشرعنا لتوظيف اختلاط الثقافات لصالحنا.
بقي أن نقول ليس كل اختلاط محرم ولا يخدعك العنوان وصفي النية دائمًا؛ لأنَّه كما جاء في أوائل الأحاديث الصحيحة، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه). رواه البخاري ومسلم.
#هدفك_مستقبلك