Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أخطاء ترتكب باسم الدين .. لا تتجاهلوها

ليس مهماً ، بالنسبة لمن يقف وراء داعش المسماة ( الدولة الإسلامية فـي العراق والشام ) أن تسيطر على مساحة واسعة من الأرض ، بل الأكثر أهمية أن يسيطر فكر داعش على المساحة الأكبر في عقول وقلوب المسلمين حي

A A
ليس مهماً ، بالنسبة لمن يقف وراء داعش المسماة ( الدولة الإسلامية فـي العراق والشام ) أن تسيطر على مساحة واسعة من الأرض ، بل الأكثر أهمية أن يسيطر فكر داعش على المساحة الأكبر في عقول وقلوب المسلمين حيثما كانوا .. وأحد أهداف ذلك ، ومن أهمها ، تضخيم فكرة الجهاد ضد الآخر مسلماً أو مسيحياً أو غيره .. وتبرز الآن مؤشرات مقلقة حول هذا الأمر . فالأعمال الإرهابية في أوربا ، وجزء صغير في أميركا ، نجحت بجذب ردود أفعال غاضبة من الأوروبيين والأميركيين . وأبرزها ما كرره المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية ، دونالد ترمب من الدعوة لمنع المسلمين من دخول أميركا ، ومادعت إليه زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف ماريون لوبان ، من قيام حرب مسيحية (صليبية) ضد المسلمين ، وذلك بعد أن أقدم صاحب فكر داعشي على ذبح رجل دين مسيحي داخل كنيسته بفرنسا .
والتطرف العقائدي سمة من سمات العديد من المعتقدات ، بما فيها المسيحية ، ويسعى الداعشيون إلى استجلاب ردود أفعال متطرفة من المسيحيين وغيرهم عبر أعمال الإرهاب التي يقومون بها داخل البلدان التي فتحت أبوابها للاجئين المسلمين ، وكذلك الوحشية التي استخدموها في قتل أسراهم من الأوروبيين والأميركيين ، إلى جانب العرب المسلمين ، وذلك أمام الكاميرات التلفزيونية سعياً لبثها إلى مختلف أنحاء العالم وإثارة الرأي العام ضد ما يمثلونه من إسلام .. ومن الواضح أن ردود فعل بعضنا تجاه المتطرفين الذين يدعون إلى الرد بقسوة على المسلمين فيها الكثير من التساهل والتبرير ، حين نقول إن الإسلام دين تسامح وسلام ، وأن الصليبيين أكثر همجية في تصرفاتهم سابقاً ، بل وحتى اليوم . ويتجاهل البعض أن من وفَّر المجندين لخدمة الفكر الداعشي هم أولئك الذي أفتوا ودرسوا ونشروا أفكاراً متطرفة بدون وعي أو بوعي منهم لما يمكن أن تؤدي إليه أفكارهم هذه .. وهي أفكار لم يقتصر بثها على دعاة سُنَّة وإنما أيضاً قام بها ملالي شيعة من إيران وخارجها نجحوا بها في إدخال العراق وسوريا بدوامة من القتل والذبح والدمار باسم العقيدة التي هي براء منهم .
ولوحظ أخيراً أن حزب العدالة والتنمية في تركيا استخدم المساجد لدعوة الناس للخروج إلى الشوارع لمواجهة تداعيات الانقلاب العسكري الفاشل ، وارتفع التكبير من على أكثر من ثمانين ألف مسجد لتحريض الناس على الخروج لمواجهة الانقلابيين فيما اعتبره كثيرون منهم جهاداً ، مع أن الانقلاب لم يكن ضد الإسلام والمسلمين وإنما ضد حكومة شرعية جاءت عبر النظام الديموقراطي المعمول به في تركيا ، وبالتالي فهناك أدوات أخرى لمواجهة هذا الأمر غير استخدام المساجد والدعوة للجهاد .. فهذا التصرف سوف يتحول إلى سابقة تتيح لأنظمة أو لجماعات مختلفة في بلدان أخرى استخدام المساجد في الصراع السياسي القائم الآن في منطقتنا .
يخطىء الكثيرون عندما يتجاهلون الأخطاء التي ترتكب باسم الإسلام ، ويتساهلون مع تصرفات خطيرة أدخلت المجتمعات الإسلامية في دوامة من العنف الفكري ، الذي تطور الآن إلى عنف جسدي ، ويميلون بشكل عاطفي للتسامح مع مخاطر استخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية ، أكان لداعش أو الإخوان المسلمين أو لغيرهما . فالتجاهل سيؤدي إلى ازدياد المخاطر وسيعمل على خلق نزاعات دموية ستطيل أمد الظلام الذي تعيشه العديد من المجتمعات الإسلامية الآن .. أين المجتمع المدني والمفكرون والمثقفون غير المؤدلجين من كل هذا ؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store