Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تداعيات محاولة الانقلاب التركي

مرّت مواقف الناس السياسية في جميع أصقاع المعمورة بتقلبات متباينة بشأن الانقلاب العسكري الفاشل بتركيا مساء الجمعة 15 يوليو 2016 م ، خصوصاً في العالمين العربي والإسلامي نظراً لما تحتله تركيا من مكانة

A A
مرّت مواقف الناس السياسية في جميع أصقاع المعمورة بتقلبات متباينة بشأن الانقلاب العسكري الفاشل بتركيا مساء الجمعة 15 يوليو 2016 م ، خصوصاً في العالمين العربي والإسلامي نظراً لما تحتله تركيا من مكانة كبيرة في قلوب المسلمين وبسبب توجهاتها المصيرية تجاه استعادة الهوية الإسلامية وتقاربها مع جل البلاد الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وكذلك بسبب ما أحرزته تركيا من تقدم اقتصادي و صناعي وتقني واجتماعي وتطور على كل الصعد .
كما اتسمت مواقف الكثيرين بنوع من الاصطفاف السياسي بسبب غموض الموقف الأمريكي المنقلب على مُثله وقيمه التي ملأ الدنيا ضجيجاً بها ، قبل أن يكون انقلاباً تركياً بحتاً ،إذ تبين لاحقاً بأن الموقف الأمريكي كان داعماً للانقلاب على الحكومة التركية المنتخبة «ديموقراطياً» والتي من المفترض أنها من أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في العالم وأنها عضو مهم في حلف الناتو ، ولسان حال أمريكا يؤكد أن لا ديموقراطية للعرب ولا للمسلمين إلا شكلياً ،والأمثلة على ذلك أصبحت كثيرة جداً وممل تكرارها ، ثم ما لبث أن تكشف المزيد من الضلوع الأمريكي ومن زمن بعيد نسبياً من خلال إيوائها للرأس التركي الكبير ( رأس الحكومة العميقة بتركيا والفار في أمريكا ) والمقيم بها فتح الله غولن ، كما اتضحت بعض الجوانب العملية لدور وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون في التخطيط والتنفيذ للانقلاب بقيادة جنرالات بأسمائهم تُدوولت أسماؤهم إعلامياً وأنهم هم من تولوا كبر التخطيط والتنفيذ بالتعاون مع حركة فتح الله غولن ، وانطلاقاً من القاعدة الجوية التركية «إنجرليك» وإصرار الولايات المتحدة على إيوائه كلاجئ سياسي رغم توقيع الطرفين على اتفاقية تسليم المطلوبين بينما يؤكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن فتح الله غولن هو القائد الأعلى للحركة الانقلابية .. فوداعاً لمصداقية الحرب على الإرهاب ، في دنيا سيادة الظلم والتضليل الإعلامي الغربي واكتواء المسلمين بنيرانها.
وتبين أن البيت الأبيض والبنتاغون على صلة وثيقة بهذه الجماعة السرية الطامحة لحكم تركيا بأي ثمن منذ عقد من الزمان أو يزيد ، مقابل تقديم المصالح الأمريكية بالمنطقة وعلى رأسها التزام غولن وحركته بالمصالح الإسرائيلية ، والعمل على الفت في عضد النزعة الاستقلالية لأردوغان وحكومته ، والسعي وراء تطبيقات الاقتصاد الحر الغربية ، وقبول الحلول المطروحة أمريكياً للقضية الكردية. وتجميد التعاون السياسي مع روسيا والخضوع لإملاءات التحالف الثلاثي الأمريكي-الأوربي-الناتو.
وشتان عند الناس ما بين الرجلين : أردوغان الذي باع نفسه لربه ودينه ثم لوطنه وشعبه ( كما نظن فيه ) وتبين مصداقية ذلك بخروج الشعب التركي حاسراً بمئات الألوف بطلب بسيط متلفز منه لملاقاة الخارجين على الشرعية من بعض قادة الجيش التركي المؤتمر حينها بأمر الجنرالات الذين باعوا ضمائرهم ، وبين فتح الله غولن .
والدروس والعبر كثيرة من بينها ثبوت القاعدة الشعبية بثبات القيادة السياسية العليا كما تعلمنا من السيرة النبوية الشريفة من ثبات يفوق ثبات الجبال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما في أحد وكما في حنين ، ثم كما في القيادات العليا على الحق في العصر الحديث للملك عبد العزيز آل سعود وأبنائه الكرام من بعده.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store