الطائف.. «مدينة في حديقة»

خلال استقبال صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ لضيوف الدورة العاشرة لسوق عكاظ يوم الأربعاء الماضي قال سموه: «إن الطائف الجديد وضع مخططه ليكون «مدينة في حديقة» إذ سيربط شماله بجنوبه وشرقه بغربه وعبارة «مدينة في حديقة» عبارة غير مسبوقة استوقفتني كثيرًا، وأزعم أنها من بليغ القول وتخليق العبارة اللذين يمتاز بهما الأمير الشاعر، وتخرج هذه العبارة عن نطاق المألوف والمعتاد إلى فضاءات البلاغة الواسعة المختلفة ولا أجد ما يشبهها إلا ما يسميه البلاغيون التشبيه المقلوب، كقولك «القمر كوجهها» أو «ما أشبه الأسد بعنترة» على سبيل المثال، إذ جرت العادة أن يكون الحديث عن الخضرة في مدينة ما بأن يقال إن الحدائق تكثر فيها، أي أن الحديقة في المدينة وليست المدينة في الحديقة، وذلك إمعان في وصف ما تعج به المدينة من مظاهر الخضرة والنضارة. ولعل كلمة الحديقة هنا تتجاوز مفهومات المساحات الخضراء والرياض الغناء إلى مفهومات أكثر اتساعًا تقترب من معنى كلمة (Park) الإنجليزية التي أن أطلقت فإنها تعني الحدائق التي فيها الكثير من مرافق المتعة والترفيه بل والثقافة والمعرفة، ومن أشهر تلك الحدائق عالميًا Hyde Park في لندن، وقد أفصح سموه عن الكيفية التي ستكون بها مدينة الطائف لتصبح مدينة في حديقة، إذ إن قلب هذه المدينة سيكون سوق عكاظ، بوصفه المشروع الكبير للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي ستنشئ مدينة عكاظ، ذلك أن ما أنشئ على الأرض حتى الآن قليل من كثير من مشروع مدينة عكاظ الذي يتربع على أرض مساحتها عشرة كيلومترات في عشرة كيلومترات، وبالإضافة إلى هذا المشروع الكبير سيكون هناك مشروعات مصاحبة أخرى منها المكان الجديد لمحافظة الطائف الذي سيكون مطارًا دوليًا بأرقى المستويات العالمية، كما أن سمو الأمير خالد الفيصل وضع حجر الأساس لمشروع «جادة المستقبل» التي تنفذها هيئة السياحة والتراث الوطني على مساحة تفوق 25 ألف متر مربع لتكون أحد أبرز وأهم المشروعات المستقبلية لسوق عكاظ. كما وقع سموه مع سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني اتفاقية تتضمن باكورة أعمال واحة التقنية التي ستكون في الطائف بجانب سوق عكاظ، ومن أهم ما ذكره سمو أمير مكة في هذا الإطار أن سوق عكاظ سيكون له شخصية اعتبارية ثقافية وفكرية وحضارية وتجارية، وهو ما كان يطمح له المثقفون السعوديون منذ تأسيس سوق عكاظ قبل عشر سنوات، وأحسب أن قيام كل هذه المؤسسات والمرافق في الطائف خلال سنوات قليلة إن شاء الله كفيل بأن يجعلها في مصاف المدن السياحية العالمية الأكثر جذبًا للسائحين، إذ إن هذه المرافق ستضيف إلى مرافقها السياحية الكثير التي تطورت كثيرًا في السنوات القليلة الماضية مثل منتزه الردف والتلفريك وسوى ذلك كثير. وأقول إن تجارب أخرى كثيرة في العالم تشي بتحقق هذه الغاية كما حدث في مدينة اولاندو الأمريكية التي نهضت كثيرًا بعد تأسيس مرافق سياحية ضخمة فيها ومنها عالم ديزني والقياس هنا مع الفارق لذا ليس تحقيق نموذج «مدينة في حديقة» بعيد المنال، وما أجمل ما إضافة الأمير الشاعر الفنان إلى الطائف من لقب جديد ليضاف إلى «عروس المصائف» و»الطائف المأنوس» وسواهما.