Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المنصب أم الكرامة؟

أرجو أن لا يفهم القارئ الكريم مقصد عنوان الـمقال أن المنصب والكرامة لا يـجتمعان، أو أن الـحصول على واحد يعني التنازل عن الآخر، بل هناك كثيرون وفقهم الله تعالى لنيل مناصب رفيعة هم أهل لها متصفون بأرقى

A A
أرجو أن لا يفهم القارئ الكريم مقصد عنوان الـمقال أن المنصب والكرامة لا يـجتمعان، أو أن الـحصول على واحد يعني التنازل عن الآخر، بل هناك كثيرون وفقهم الله تعالى لنيل مناصب رفيعة هم أهل لها متصفون بأرقى الأخلاق والسلوكيات الإنسانية، إنـما في هذا المقال أتناول فكرةً حاول بعض من يتنافسون على الـمناصب تـمريرها، وهي أن من أجل الـحصول على منصب إداري ما، فإن أحدهم يـحتاج أن يهادن، أو يقبل -على مضض- بتسوية غير كريـمة ويتحمّل الإهانات اللفظية والـمعنوية، أو يبـرّر بعض تصرفات رؤسائه غير السليمة، ويتجاهل سوء سلوكهم الإداري وظلمهم، ويسكت عن قول كلمة الـحق، ويـخفي وجهة نظره الشخصية في قضايا حيوية، كل ذلك من أجل الحصول على حظوة الـمنصب ورضا رئيسه في العمل.
ومهما حاول أحدهم وصف ما تقدم بأوصاف عدة وأسـماء مـختلفة، فلا يـجب أن يـخدع نفسه ولا غيره، فتلك في الحقيقة أنواع من المداهنة والتملّق والتزلّف، تـحوي تنازلات عن بعض مبادئه أو كرامته الإنسانية، وتقديمه الـمصلحة الشخصية والأنانية الفردية على حساب غيره، والتسبب في انـحدار أداء الـمنظومة الاجتماعية والإدارية، وعادة ما تكون النتيجة التسبب في ظلم أحد من الموظفين أو المراجعين، والأخطر أن تتسبب في الدعاء عليه من أحد أولئك الـمظلومين في جنح الليل أو ساعة إجابة، وكما قيل: «الساكت عن الحق شيطان أخرس» لكن شياطين الإنس قد يتعدى ضررها الوسوسة إلى التخطيط والتنفيذ بالنيابة عن شياطين الـجن.
وخلاصة القول، في معترك الإدارات وانتشار الفساد وصعوبة القضاء عليه، وفي ظل التنافس الـمحموم للحصول على الـمناصب الإدارية مهما كان موقعها في السلم الإداري، يعمد كثيرون إلى وسائل غير أخلاقية وطرق ملتوية بزعم أنـها الطرق الطبيعية للتقدم الوظيفي، وهم بـهذا يضحكون على أنفسهم لعدم قدرتـهم مواجهتها في الـمرآة، ولصعوبة الاعتراف بـمدى ضعف قدراتـهم وقلة أماناتـهم، فبعض الحقيقة مؤلـم، والأسلم لـهم أن يُـقنعوا أنفسهم بشرعية ما يفعلون من ضرر، ليتبلّد إحساسهم وتـموت ضمائرهم، فيحاولون النوم دون أرق، ويتجنبون كوابيس ليلية تنغص عليهم منامهم، لكن الدنيا «سلف ودين»، والـمناصب لا تدوم، وكما جاء في الحديث الشريف: (البِـرُّ لا يَبْلَى، والِإثـمُ لا يُنْسى، والديَّانُ لَا يـموتُ، فكُن كما شئتَ كمَا تَدينُ تُدَان).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store