Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المدينة المنورة النموذج الأول للتسامح والوسطية

ما أجمل أن تصدر دعوة صادقة من المدينة المنورة أول حاضرة إسلامية من أميرها المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز إلى كل الدعاة المسلمين في مختلف بقاع الأرض إلى ضرورة إيضاح قيم الت

A A
ما أجمل أن تصدر دعوة صادقة من المدينة المنورة أول حاضرة إسلامية من أميرها المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز إلى كل الدعاة المسلمين في مختلف بقاع الأرض إلى ضرورة إيضاح قيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي التي دعا إليها ديننا الحنيف، فقد قال سموه: «إن هذه القيم السامية كانت محط اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم عند تأسيس الدولة الإسلامية الوليدة، فكانت أولى خطواته وضع وثيقة تنظم علاقة أفراد المجتمع بعضهم ببعض».
نعم ذلك عين ما حدث في الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة المنورة مؤاخاة بين الأوس والخزرج، وهما قبيلتان متنافرتان على مدى الدهر قبل الإسلام، وبذلك تم ترتيب البيت المدني، ومؤاخاة أخرى أكبر منها بين المهاجرين والأنصار رغم تباعد ديارهم واختلاف أنسابهم ومشاربهم، فكأن الأنصاري يقتسم داره وطعامه مع المهاجر، بل إن من كانت لديه زوجتان يطلق إحداهما ليتزوجها أخوه المهاجر، كما صح في الروايات، وبذلك تم ترتيب البيت الإسلامي الصغير الأول في ذلك العهد وبذلك حققت المدينة المنورة أعظم مثل في التاريخ لقيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي، ناهيكم عما روي عن تسامح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مع جاره اليهودي الذي كان يلقي بالقاذورات أمام بيته، فلما لم يجدها كالعادة يومًا سأل عن جاره وعلم أنه مريض فذهب وعاده، وكان ذلك سببًا في إسلام اليهودي كما هو معروف، ولنا أن نتصور حدوث أمر معكوس في هذه الأيام أن يتجرأ فلسطيني على إلقاء القاذورات أمام دار جار يهودي له في فلسطين المحتلة، إذًا للقي الثبور وعظائم الأمور، في ظل ما يزعمه حكام إسرائيل من حرصهم على التآلف والتعايش السلمي، وهذا التسامح والتعايش السلمي الذي يعتبر مثلًا ونموذجًا يحتذى، أشار إليه بوضوح أمير المدينة حين قال: «منذ بزوغ فجر الإسلام، والمدينة المنورة كانت تطبيقًا عمليًا لتعاليم الإسلام في حسن التعايش مع الآخرين، ودليلًا على أن الإسلام دين يقبل الآخر ويحترمه، ويقر بالاختلاف بين الناس في أشكالهم، وألوانهم، ومعتقداتهم، وإن كانت تلك هي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي ظهرت دون أدنى ريب في الدولة الإسلامية الأولى وتمثلت في التسامح وحسن التعامل مع الآخر، حتى مع اليهودي كما أسلفنا، فهل يمكن اعتبار ما نشهده اليوم من تشدد وتطرف، ونبذ للآخر، واستعداء لكل شعوب الأرض على الإسلام والمسلمين، هل يمكن اعتبار كل ذلك ذا صلة بالإسلام من قريب أو بعيد؟.. ذلك ما أجاب عليه أمير المدينة بقوله: «إن ما يمارسه بعض المجرمين من عنف وتطرف وإرهاب باسم الإسلام وهم لا يمتون إليه بصلة، لا يمكن أن يكون ناتجًا عن دافع ديني أو إنساني، وإنما هو سلوك إجرامي لا يعرف الرحمة».. وأوضح سموه في ختام كلمته أن هذه المبادئ التي تدعو إلى التسامح والتعايش تمثل قيمنا الإسلامية الصافية التي لا تشوبها شائبة، ولا يمكن أن نلصق بها ما يمارسه بعض المجرمين من عنف وتطرف وإرهاب باسم الإسلام، واستشهد سموه بما أكد عليه قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين من أن أكبر تحد تواجهه أمتنا الإسلامية هو المحافظة على ثروتها الحقيقية وأمل مستقبلها، وهم الشباب، من المخاطر التي تواجههم وبخاصة الغلو والتطرف واتباع الدعوات الخبيثة المضللة التي تدفعهم لسلوكيات شاذة وغريبة تتنافى مع الفطرة السوية.
إن هذه الدعوة التي أطلقها أمير المدينة حرية بالاستجابة من كل الدعاة المسلمين والكتاب والوعاظ والمشايخ والأساتذة في كل أنحاء العالم الإسلامي، بل والعالم أجمع، وتتمثل في تسخير كل الوسائل المتاحة لبيان كل أوجه التسامح والوسطية والاعتدال وحسن التعايش مع الآخر على اختلاف أديان الناس ومعتقداتهم وألوانهم وعاداتهم وتقاليدهم، مع تأصيل كل ذلك من أسس بناء الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store