Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

آفة التديّن الفاسد.. لا تخطئها عين الراصد

كُلُّ عَملٍ لَه آفَة مِن جِنسه، فمَثلاً حُبّ النَّاس لإعطَاء الصَّدقَات، لَوَّثه المُتسوِّلون الدجَّالون.. والحَديد -هَذه المَادة القويَّة- قَد يُفتّته المَبرَد..

A A
كُلُّ عَملٍ لَه آفَة مِن جِنسه، فمَثلاً حُبّ النَّاس لإعطَاء الصَّدقَات، لَوَّثه المُتسوِّلون الدجَّالون.. والحَديد -هَذه المَادة القويَّة- قَد يُفتّته المَبرَد.. إلخ، مِن هَذا المُنطَلَق دَعونا نُؤكِّد أنَّ لكُلِّ مِهنَة آفَاتها، ولَو أخذنَا أَهم مِهنَة، وهي «الدَّعوَة إلَى الله»، فمَا هي الآفَة الكُبرَى التي تُلوِّث هَذا العَمَل الجَليل..؟!
لَن أَتطوَّع وأُجيب -وإن كُنتُ قَد تَخرَّجتُ مِن الجَامعة الإسلاميّة برُتبة «داعية»- بَل سأُحيل السُّؤال لشَيخنا الدَّاعية «محمد الغزالي» -يَرحمه الله-، حَيثُ يَقول: (تَبيَّن لِي بَعد أَربعين سَنَة مِن العَمَل؛ في الدَّعوَة الإسلاميّة، أَنَّ أَخطَر مَا يُوَاجه العَمَل الإسلامي هو «التَّديُّن الفَاسِد»، أي استنَاد النَّفس إلَى قوّة غَيبيّة؛ وهي تَعمَل للخُرَافات والأوهَام، أو هي تَعمَل للأغرَاض والمَآرب، الدِّين مَثَلاً يَقظة عَقليّة، وهَؤلاء يُعانون تَنويماً عَقليًّا مُتَّصلاً، والدِّين قَلبٌ سَليم، وهَؤلاء استَولت عَلَى قلُوبهم عِلَل رَديئَة. والأَمر في كَشف التَّديُّن الفَاسِد؛ يَحتَاج إلَى تَفاصيل للتَّعامُل مَع الآفَات النَّفسيّة والعَقليّة، التي تُسبِّب هَذا البَلَاء، وقَد خَصَّص «أبوحامد الغزالي»؛ جُزءاً ضَخماً مِن كِتَابه «الإحيَاء»، في عِلَاج هَذه الآفَات، والتَّحذير مِنهَا، كَما وَضع «ابن الجوزي» كِتَاب «تَلبيس إبليس»، للكَشف عَن صور التَّديُّن الفَاسِدَة، وإبعَاد العَامَّة والخَاصَّة عَنه. وقَد ألَّفتُ بَعض كُتبي؛ وأنَا مُستَغرق في مُحَاربة هَذا الجَانِب مِن التَّديُّن المَعلول، مِثل كِتَاب «تَأمُّلات في الدِّين والحيَاة»، وكِتَاب «لَيس مِن الإسلَام»، وكِتَاب «رَكَائِز الإيمَان بَين العَقل والقَلب»، وأَخيراً كِتَابي «الدَّعوَة الإسلاميَّة تَستقبل القَرن الخَامس عَشَر». والحَقيقة أَنَّ التَّديُّن الفَاسِد سِر انحرَاف كَثير مِن العُقلَاء، لأنَّهم يَنظرون إلَى الدِّين؛ مِن خِلال مَسَالك بَعض رِجَالَه، وآثَارهم في الحيَاةِ العَامة، والوَاقِع أَنَّ بَعض المُتديِّنين؛ كَانوا في القَديم والحَديث بَلاءٌ عَلى الدِّين)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقول: اقرَؤوا وتَأمَّلوا فَقَط..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة