Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحج.. بين شِقَّيْهِ الديني والقانوني

كل عام وبلاد الحرمين، والأمَّة الإسلاميَّة بخير، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، فليس هنالك أجمل من أن يستقبل المرء أوَّل أيام العيد، ويتهيَّأ له من خلال اغتنام أجر وفضل يوم عرفة.

A A
كل عام وبلاد الحرمين، والأمَّة الإسلاميَّة بخير، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، فليس هنالك أجمل من أن يستقبل المرء أوَّل أيام العيد، ويتهيَّأ له من خلال اغتنام أجر وفضل يوم عرفة. فيوم عرفة ذو فضل وشأن عظيم، فهو أحد أيام الأشهر الحرام، وأحد الأيام العشر وأفضلها، التي أقسم الله عزَّ وجلَّ بها. كما أنَّها المفضَّلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة، فقد قال فيها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم: (مَا مِن يومٍ أكثرَ مِن أنْ يُعتقَ اللهُ فيهِ عبدًا مِن النارِ مِن يومِ عَرَفة، وإنَّه ليدنُو ثُمَّ يُباهِي بِهم الملائكةَ فيقولُ: مَا أرادَ هؤلاء؟). وعن ابن عمر أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ تعالَى يُباهِي ملائكتَهُ عشيَّةَ عَرَفة بأهلِ عَرَفة، فيقولُ: انظرُوا إلَى عبادِي، أتونِي شُعثًا غُبرًا). إضافةً إلى أن الصائم يوم عرفة له أجر عظيم، فقد ثبت عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلم أنَّ اللهَ يُكفِّر بصومِ يومِ عَرَفة السَّنةَ التِي قبلَهَا والسَّنةَ التِي بعدَهَا، وذلك بشرط اجتناب فعل الكبائر من الذنوب. فيومُ عرفة لا تخيب فيه الآمال، ولا يضيّع اللهُ سعي مَن وقف بين يديه عزَّ وجلَّ؛ طالبًا رحمته وعفوه، لذلك قيل إنَّ من أعظم الذنوب أن يحضر المرء عرفات، ويظن أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى لم يغفر له.
بعد كل هذه الفضائل العظيمة ليوم عرفة، والتي يعرفها الكثيرون، ولا يجهلها إلاَّ القلَّة القليلون، كيف يمكن التفريط بأجر يوم كهذا؟ مَن منَّا بعد علمه بهذا الفضل الكبير يجرؤ على فعل الكبائر، وارتكاب المعاصي في هذه الأيام المباركة، وهو مدرك بما خصَّها اللهُ تبارك وتعالى به؟ فعِلمُ المرء بهذه الأمور يعزِّز رقابته الذاتيَّة لنفسه، والتي تساهم بدورها في الحدِّ من ارتكاب الشخص لأيِّ مخالفات وآثام على مختلف الأصعدة. فعلى سبيل المثال، عندما يعلم الحاجُّ فضل هذه الأيام، وعظمتها لن يرغب بالإتيان بأيِّ فعل مهما كان صغيرًا، والذي من شأنه أن يُعكِّر عليه صفو حجِّه. ومن أبرز الأمور التي يجهل بعض الحجيج قُبح أمرها هو ما يقومون به من تدافع خلال أدائهم لمناسكهم، فالتدافع يتسبَّب بإحداث أذى للغير، وإلحاق الضرر الكبير بالحجيج؛ بل ومن الممكن أن تصل آثار هذا الفعل لإزهاق أرواح طاهرة بريئة، لا ذنب لها سوى أنَّها كانت شاهدًا على سوء تصرُّف البعض وجهلهم بعواقب الأمر. فهنا يأتي دور العلماء في عالمنا الإسلامي لتوعية المسلمين بما لهم، وما عليهم للمساعدة في تحقيق أمرين؛ الأول هو تجنُّب المسلمين ارتكاب الكبائر والآثام التي تضيع مجهود كلِّ مَن يسعى لنَيل الأجر من الله جلَّ علاه في هذا اليوم العظيم، والأمر الثاني زيادة الوعي الديني، والذي يساهم بدوره في تحقيق النظام، طمعًا في الوصول لحجٍّ ناجح. فالشقُّ الديني، والشق القانوني مكمِّلين لبعضهما البعض؛ إذ عند إدراك المرء لعواقب هذه الذنوب والآثام المترتبة عليها يحاول قدر المستطاع اجتنابها، وبالتالي اتِّباع كافة الأنظمة والقوانين، فيتحقق بذلك التوزان الديني والقانوني معًا.
ختامًا، أتمنَّى من الجميع اغتنام بركة هذه الأيام، والتحلِّي بالخصال الدينية التي أمرنا الله عزَّ وجلَّ بها. كما أرجو اتِّباع الأنظمة والقوانين للمساهمة في تنظيم موسم حجٍّ لهذا العام بشكل يليق بضيوف الرحمن، وكذلك كسب الأجر العظيم وتأدية شعيرة من شعائر الدِّين على أكمل وجه، راجين من الله الرحمة والمغفرة، وتقبَّل صالح الأعمال.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store