Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مهمة المُرَافِق لا يتحمَّلها إلاَّ الخوارق

إنَّ العِنَايَة بالمَريض تَتطلّب أَنْ يُلازمه أَحَد أَفرَاد أُسرته، وهَذا المُرَافِق؛ مِن النَّاس المَظلومين، وفي ذَلك يَقول شَيخنا «أبوسفيان العاصي»: مَن يُرافق مَريضًا يَمرض مَرَّتين، مَرَّة لأنَّه

A A
إنَّ العِنَايَة بالمَريض تَتطلّب أَنْ يُلازمه أَحَد أَفرَاد أُسرته، وهَذا المُرَافِق؛ مِن النَّاس المَظلومين، وفي ذَلك يَقول شَيخنا «أبوسفيان العاصي»: مَن يُرافق مَريضًا يَمرض مَرَّتين، مَرَّة لأنَّه يُلازم مَريضًا، ومَرَّة أُخرَى لأنَّه يُعاني مِن آلامٍ لَا يَشعر بِهَا أَحَد..!
أكثَر مِن ذَلك، يَقول البَاحث «راندي بوتش»: (إنَّ أَيَّ أُسرَة يُعاني أَحَد أَفرَادها مِن مَرَض السَّرطَان، تَعلَم أَنَّ القَائمين عَلَى الرِّعَايَة دَائماً مَا يَتمُّ تَهميشهم، ويَنصبُّ التَّركيز عَلَى المَرضَى أَنفسهم، حَيثُ هُم مَن تُقدَّم لَهم عِبَارَات الإطرَاء، ويَلقون التَّعاطُف مِن الجَميع، فهَؤلاء القَائمون عَلى رِعَاية المَرضَى؛ يُؤدّون عَملاً مُجهدًا لخِدمة مَريضهم، وفي الوَقت ذَاته لَا يَمتلكون مِن الوَقت مَا يَكفي؛ للتَّعامُل مَع مَا يَشعرون بِهِ مِن أَلَمٍ، ومَا يُصيبهم مِن حُزنٍ عَلى أَقَاربهم)..!
إنَّ مَن يُرافق المَريض مَظلومٌ حَقًّا، وسأُبيِّن هُنَا لمَاذَا هو مَظلوم؟!
إنَّ هَذا المسكين يَتعرَّض لمَظالم مُتعدّدة، لَعلَّ أَوّلها أنَّ اهتمَام النَّاس يَنصبُّ عَلى المَريض، والدُّعَاء كُلُّه يَتّجه إلَى مَن يَنَام عَلى سرير المَرَض، ولَا أَحَد مِن السَّائلين أَو الدَّاعين، يَتذكَّر هَذا المُرَافِق المسكين، الذي يَنام مَع المَريض، ويَستَيقظ مَعه، ويَدخل مَعه الحَمَّام، ويَأكل مِن أَكْله، الذي يُوصف دَائمًا بأنَّه مُفيد، ولَكن لَا طَعم لَه ولَا لَون ولَا رَائِحَة..!
أمَّا الظُّلم الآخَر الذي يَقع عَلَى مُرافِق المَريض، أنَّه مُجْبر عَلى الاستمَاع إلَى كُلِّ الأسئلَة التي تُوجَّه إلَى المَريض، وعَليهِ أَنْ يَتكفّل بكُلِّ الأجوبَة نِيَابَةً عَن المَريض، ولَيس أَصعَب عَلى الإنسَان مِن الاستمَاع إلَى الحَديث المُكرَّر، وتَرديد إجَابَات مُكرَّرة.. كَمَا أَنَّ المُرافق -مِن نَاحيةٍ ثَالِثَة- يَقوم بدور المُراسِل، حَيثُ يَستقبل ويُودِّع الزَّائرين لَيل نَهار، وهو أَيضًا يَتعامَل مَع الأطبَّاء، والمُمرضين والمُمرضَات، ويَتحمَّل رَوائح المُستشفَى التي لَا يَصبر عَليهَا إلاَّ الكِبَار؛ مِن ذَوي الأنُوف المُجوَّفَة..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ أُذكِّركم -ونَفسي- بتَقوَى الله -عَزَّ وجَلَّ-، ثُمَّ بالدُّعَاء للمَرضَى ومُرافقيهم، وتَأكَّدوا أنَّ مَن يُرافق مَريضًا، فهو إنسَان يُقاتل عَلَى عِدَّة جَبهَات، فالتَمسوا لَه العُذر..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store