Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل العالم يتحسن أم يزداد سوءًا؟!

لا أعرف ما الذي أثار هذا السؤال في ذهني صباح هذا اليوم بشكلٍ غير معتاد.

A A
لا أعرف ما الذي أثار هذا السؤال في ذهني صباح هذا اليوم بشكلٍ غير معتاد. ربَّما يكون السبب أنَّي قضيتُ معظم وقتي ليلة البارحة أُتابع أخبار العالم، متنقِّلاً بين القنوات الإخباريَّة العربيَّة والعالميَّة، ومواقع الإنترنت، مرورًا بتويتر والفيسبوك، وانتهاءً بمجموعات الواتس آب في جوالي، والتي يزيد عددها عن 24 مجموعة بمسمَّيات جذَّابة مختلفة، ومحتوى مليء -إلاَّ ما ندر- بالجدل وتداول الأخبار المحزنة، والكثير من التشاؤم، والقليل القليل من التفاؤل والحلول. أمَّا نشرات الأخبار فهي الأسوأ من حيث أخبار الحروب، وصور القتل والدمار والإرهاب والفقر والبطالة، إلى انتشار مظاهر التشدُّد، وصعود اليمين المتطرِّف في أوروبا وأمريكا وغيرها.
الحقيقة أنِّي لستُ وحدي من يعيش وسط هذه الأمواج العاتية من المعلومات السلبيَّة التي تلاحقنا في كل زمانٍ ومكان، حيث إن التطوّرات التكنولوجيَّة المتسارعة والانتشار الهائل لشبكات التواصل الاجتماعي أصبح جزءًا من حياتنا، بكل ما يحمله ذلك من تفاصيل، يكون السلبي فيها عادةً أكثر جاذبيَّة وأسرع انتشارًا وقدرة على البروز والاستقطاب.
هذا الواقع الإعلامي والمعلوماتي له تأثيراته الحتميَّة على نظرة الكثيرين للحياة، فهو يجعلهم يرون العالم يزداد سوءًا وليس العكس، حيث يُؤثِّر هذا التدفق للمعلومات على نظرتهم للحياة، ويجعلهم ينظرون قسرًا للجانب المظلم منها، حتى عندما يكون الجانب المضيء والمشرق هو الغالب.
وفي إطار بحثي عن إجابة عن سؤال: «هل يتحسَّن العالم أم يزداد سوءًا؟»، وجدتُ كثيرًا من الآراء التي تشاركني هذا الفضول، ويرى كثيرٌ منها أن العالم يتحسَّن استنادًا للعديد من المعايير والحقائق، ومنها: انخفاض الفقر المدقع حول العالم لأقل من 10%، بعد أن كان 43% عام 1990، و21% عام 2010م، انخفاض عمالة الأطفال بنسبة الثلث بين عامي 2000 و2012م، القضاء على عدد من الأمراض المعدية مثل الجدري وطاعون الماشية، وقرب قضاء العلم على أمراض أخرى مثل شلل الأطفال، والتنينات، وداء العليقي، والحصبة، الناس في الدول المتقدِّمة أصبح لديهم وقت أطول للترفيه، معدل العمر زاد عالميًّا بواقع 5 سنوات بين 2000 و2015م، الحروب في انخفاض كبير عالميًّا (طبعًا باستثناء منطقتنا العربيَّة)، جرائم القتل والعنف في انحسار في الغرب، التسلُّح النووي تمَّ تخفيضه بشكلٍ ملحوظ، الأميَّة في انخفاض عالميًّا، الدخول للإنترنت أصبح متاحًا لـ40% من العالم مقابل 1% فقط عام 1995م، أسعار الطاقة الشمسيَّة انخفضت بقرابة النصف بين 2007 و2012م.
ختامًا، ما أحوجنا لإبراز وتسليط الضوء على مثل هذه الإحصاءات والحقائق؛ وفقًا لمعاييرنا الخاصة التي تجعل الناس لدينا يرون الجزء المضيء الكبير وسط أمواج المعلومات والأخبار السلبيَّة الموجَّهة لإحباطهم وإتعاسهم، فنظرتنا إلى الزاوية المضيئة -ولو قليلاً- ستجعلنا نرى العالم أجمل وأفضل، وهذا بدوره سيجعلنا أكثر سعادة وتفاؤلاً وطمأنينةً.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store