Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تشريع الكونجرس.. ومأزق أمريكا

شاهدنا ما ارتكبه الكونجرس الأمريكي من تشريعٍ يقضي بمقاضاة السعوديَّة في أحداث ١١سبتمبر، ضمن قانون بعيد عن العرف، والمنطق، والعقل، وأعتقدُ أنَّ التشريع السريع خرج دون فهم وتكييف قانوني مفترض، ودراسة عم

A A
شاهدنا ما ارتكبه الكونجرس الأمريكي من تشريعٍ يقضي بمقاضاة السعوديَّة في أحداث ١١سبتمبر، ضمن قانون بعيد عن العرف، والمنطق، والعقل، وأعتقدُ أنَّ التشريع السريع خرج دون فهم وتكييف قانوني مفترض، ودراسة عميقة للقضيَّة، فالولايات المتحدة الأمريكيَّة كانت متضرِّرة من تلك الهجمات، ولكنَّها غفلت عن تضرر أكبر حتَّى اليوم على السعوديَّة من الاٍرهاب، الذي طالت أياديه الخبيثة السعوديَّة كلَّها، ومقدراتها، ومواطنيها، ورجال أمنها، والأمنيين، والقطاعات المختلفة، والمنشآت، في تخطيط إستراتيجي للقاعدة على السعوديَّة، التي كانت الأولى -وستظل- في محاربة الاٍرهاب، وفي الكفاءة الإستراتيجيَّة في دحره، فكرًا، وتخطيطًا، وأهدافًا، وهذه حقائق تعلنها لغة الأرقام، وواقع النتائج.
تأتي أمريكا بعد سنوات لتعلن هذا التشريع الذي خلا من عاملين مهمّين: أولهما الطريقة والقاعدة المؤسساتية التي خرج منها القرار، وثانيهما الانعكاس المستقبلي على قرار ضد دولة لها سيادتها، وحجمها، وثقلها على مستوى العالم، وبالخوض في تفاصيل العاملين، فإن الأول كان خاطئًا ومتسرِّعًا وخاليًا من المبررات، أو الأسباب في مقاضاة دولة هي المتضرر الأكبر من الاٍرهاب، وفي حادثة مرتكبوها هاربون من العدالة، ومطلوبون أمنيون على مستوى العالم.. والدولة تُلاحقهم وتُعمِّم عنهم بأنَّهم خارجون عن النظام، وهم ذاتهم مَن خطَّط وأشار وأدار عمليَّات الإرهاب التي ضربت المدن السعوديَّة على مدار سنوات أعقبت الحادي عشر من سبتمبر، وكانت أمريكا تقف وقفة المتفرج على ذلك. أمَّا مستقبلاً فستدفع أمريكا ثمنًا باهظًا من خلال تأثُّر علاقاتها الدبلوماسيَّة والاقتصاديَّة مع السعوديَّة، التي تُعدُّ علاقاتها خيارًا أمثل أمام أمريكا، وأيضًا سيُؤثِّر ذلك في علاقات أمريكا مع دول عدَّة، لأنها سترفض القرار جملةً وتفصيلاً، ويا ليت الكونجرس الأمريكي قد درس أيضًا أنَّه سيفتح على الولايات المتحدة، وإداراتها المتعاقبة طيلة عقدين ونصف ما اقترفته من جرائم مُبرْهَنَة ومُوثَّقة وواضحة لا تحتاج إلى تحقيق، أو دراسة من خلال حروبها، وصناعة الفتنة في العراق، وسوريا، واليمن، وأفغانستان، وما تضمنته تقارير استخباراتية عن علاقتها بالعديد من الحروب في دول المنطقة، ويا ليت الكونجرس أيضًا درس من أين أتى نبع الاٍرهاب الذي تشكَّل إلى أنهار، وبحيرات من الدم خرجت من إيران وثوراتها، ونظام الخامنئي، ومن دول خارجية كانت تضع الاٍرهاب في أجنداتها كصناعة، وفي أهدافها كتصدير، وكانت «السعوديَّة» المستهدَفَة الأولى، وما عمليات داعش التي استهدفت المقدَّسات، وحرمات المساجد، والأمنيين، والمقدرات الوطنيَّة بالسعوديَّة إلاَّ استكمال للمخططات الخارجيَّة التي غفل عنها الكونجرس، وتغافلت عنها أمريكا كثيرًا عبر مؤسساتها المختلفة.
اتهام أمريكا أو إدانتها أمامها عشرات الحجج، ولن تغفل «السعوديَّة» من تقديمها للمجتمع الدولي -إذا استلزم الأمر ذلك-، وستكون درسًا مستقبليًّا سيتعلَّم منه الأمريكان كثيرًا، ولابدَّ أن هذا القرار سيرمي أمريكا في وضع صعب في بلورة علاقاتها القادمة، خصوصًا وأنَّها أمام انتخابات رئاسيّة لفترة جديدة كانت في أمسِّ الحاجة إلى دعم مواقفها، بدلاً من الدخول في تعقيدات جديدة، وفتح أبواب النقد أمامها، والوقوع في مأزق دولي ستدفع ثمنه باهظًا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store