Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نحن وإيران وإسرائيل

قبل حوالى خمسين عامًا كان جلالة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز يؤدي زيارة رسمية للولايات المتحدة، وفي إحدى محطات الزيارة باغت أحد الصحافيين الملك بسؤال مفاجئ عما إذا كان الملك يعتبر إسرائيل العدو الأو

A A
قبل حوالى خمسين عامًا كان جلالة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز يؤدي زيارة رسمية للولايات المتحدة، وفي إحدى محطات الزيارة باغت أحد الصحافيين الملك بسؤال مفاجئ عما إذا كان الملك يعتبر إسرائيل العدو الأول أم أن الرئيس المصري (آنذاك) جمال عبدالناصر هو عدوه الأول، انتفض الملك العربي الشهم وأجاب بدون تردد بما معناه إن مصر دولة عربية شقيقة وإنه مهما بلغ الخلاف السياسي مع الرئيس عبدالناصر من حدة فإنه لا يمكن مقارنته بالتهديد المباشر الذي تمثله إسرائيل للأمة العربية والإسلامية، وتذكروا أن هذا الحوار قد دار قبل احتلال إسرائيل للقدس الشريف وقبل نشوء هذا التيار الجارف من الاستيطان الذي يهدد بإكمال ابتلاع إسرائيل لما تبقى من القدس بل ولكل الأرض الفلسطينية المحتلة.
اليوم تروج إسرائيل ومعها زمرة من المطبعين المطبلين لمقولة مفادها أن إسرائيل أشبه بالحمل الوديع بالنسبة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج وأنها يمكن أن تكون حليفًا موثوقًا في الصراع مع إيران فهل هذا صحيح؟ إنني أقول كما قال الفيصل -يرحمه الله-، إن الشعب الإيراني شعب شقيق تربطنا به وشائج التاريخ والجغرافيا والقرآن ونطاق واسع من المصالح المشتركة التي لا يقف دون تحقيق مداها الكامل إلا السياسة العدوانية المتشنجة التي تمارسها قيادة الثورة في إيران، أما إسرائيل فهي دولة تتناقض وجوديًا مع الأمة العربية وقد أثبتت مرارًا وتكرارًا وبمختلف أطيافها السياسية والفكرية أنها ترفض فكرة السلام مع العرب إلا إذا كان سلامًا استسلاميًا يكرس النفوذ الإسرائيلي ويسلم زمام القيادة الاقتصادية لقيادات المال الصهيونية العالمية.
ثم فلنبحث عما يسمى بالعداء المتبادل بين إيران واسرائيل، هل تبادل النظام الإيراني طلقة واحدة مع إسرائيل؟ وهل استشهد في خط الجبهة مع إسرائيل جندي إيراني واحد؟ إن العلاقة بين النظام الإيراني وإسرائيل هي علاقة مصالح متبادلة فإسرائيل تستغل إيران كفزاعة عالمية تدر عليها تيارًا دافقًا من المساعدات الحكومية والأهلية، وهي وسيلة تستخدمها إسرائيل لابتزاز الغرب واللعب على مشاعر الذنب فيه، وبالمقابل فإن إيران تستغل محنة الشعب الفلسطيني لتزايد على الدول والحكومات العربية ولتلعب على مشاعر الملايين من الناس بحجة أنها وحدها التي تتصدى لإسرائيل، وأمام أعينكم شاهدان رئيسان على هذه المسرحية أولهما البرنامج النووي الإيراني الذي طالما تباكت إسرائيل منه وانتهى إلى اتفاق تجني من ورائه إيران بلايين الدولارات، والثاني هو مسرحية حزب الله الذي انفضح دوره الحقيقي بعدما تخلى عن غايته المعلنة في التحرير وذهب يمارس دوره الطائفي البشع في سوريا وغيرها من الدول العربية.
إيران سوف تعود يومًا ما إلى رشدها وعندئذ سوف يجد الشعب الإيراني عندنا وعند أشقائنا العرب يدًا ممدودة وقلبًا صافيًا، أما إسرائيل فمشوارها طويل قبل أن ترعوي عن غيها وتتخلى عن مبررات وجودها الدينية العدوانية التوسعية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store