Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل مدننا تحترمنا؟!

انتقلت مؤخراً للسكن في مجمع سكني (compound)خاص بالجهة التي أعمل بها، وكان أول ما لفت نظري وأسعدني هو حسن تنظيم أرصفة المشاة فيه، وذلك لكوني مولعاً برياضة الجري في الأماكن الخارجية، فالأرصفة متناسقة و

A A
انتقلت مؤخراً للسكن في مجمع سكني (compound)خاص بالجهة التي أعمل بها، وكان أول ما لفت نظري وأسعدني هو حسن تنظيم أرصفة المشاة فيه، وذلك لكوني مولعاً برياضة الجري في الأماكن الخارجية، فالأرصفة متناسقة وواسعة بما فيه الكفاية وتخلو من الكسور والعوائق ويسهل الانتقال بها من طرفٍ لآخر. وفي واقع الأمر فإن ما لفت نظري وأدهشني أكثر من كل ذلك هو حين عرفت بأن ذلك المجمع تم بناؤه عام 1405هـ أي قبل أكثر من 30 عاما، فمن هو يا ترى ذلك المهندس الفذ الذي فكَّر قبل تلك العقود بمسألة «حقوق المشاة» الغائبة كلياً حتى يومنا هذا عن شوارع مدننا كبيرها وصغيرها؟ من هو ذلك المهندس ذو الحس الإنساني الذي فكَّر وقرَّر قبل تلك السنوات الطويلة بأن الإنسان أولاً ثم الآلة، وهو أمر عجز عن التفكير فيه كل مهندسي شوارع مدننا الحديثة بما في ذلك الشوارع التي يتم إنشاؤها حالياً وتفتقد أرصفتها لأبسط معايير الاهتمام بحقوق المشاة وذوي الاحتياجات الخاصة؟.
هذه التساؤلات وغيرها سبق لي الكتابة عنها قبل 3 سنوات في مقالٍ بعنوان: «جدة وسياحة الجري»، عبّرت فيه عن حزني على حال أرصفة المشاة في مدينة جدة -بما فيها الأرصفة المكلفة حديثة التنفيذ- والتي تفتقد للتناسق والخلو من العوائق إلى حد عدم إمكانية استخدام معظمها ليس للجري فحسب، بل وللمشي أيضا، ناهيك عن افتقارها بشكل مرعب للسلامة المرورية المتمثلة في توفر العلامات المرورية واحترام السائقين لحقوق المشاة. وقد أثنيتُ في ذلك المقال على جهود إنشاء مواقع خاصة لممارسة رياضة المشي، ويبدو لي اليوم أنها كانت جهود مؤقتة تفتقد للمتابعة والاستمرارية، بدليل أن أشهر ممشى في جدة وهو ممشى «مجرى السيل» تم الانتهاء من الجزء الشرقي منه من شهور لكنه لا زال بدون إضاءة أو عناية، والأدهى من ذلك أن إحدى شركات تأجير السيارات احتلت منذ أسابيع عديدة معظم مواقفه المخصصة للمرتادين وذلك بأكثر من 100 سيارة دون أن تُفكِّر أي جهة في منعها أو محاسبتها، في حين تم احتلال جزء آخر من المواقف بالسيارات التالفة وشاحنات الشركات.
إن تقييم المدن في سلم التطور والحضارة يتجلَّى بمستوى صداقتها لإنسانها واحترامها له، وأول معيار لقياس ذلك الاحترام هو أرصفة وممرات المشاة الخاصة بها، وهناك تقييم سنوي وجوائز في بعض الدول لأكثر المدن صداقة واحتراماً لحقوق المشاة.
تُرى لو تم إجراء مثل ذلك التقييم لمدننا، فماذا ستكون النتيجة؟!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store