في الذكرى الـ86 الغالية

اليوم يوافق ذكرى توحيد هذه البلاد، تحت شعار التوحيد الأكبر، ورمزه الأعظم (لا إلهَ إلاَّ الله محمد رسول الله). إنَّها الذكرى السادسة والثمانون، وببلوغها المئة -إن شاء الله- تكون البلاد على موعد مع الرؤية الكبيرة المفعمة بالأمل، والطموح، والتحدِّي، ممثَّلة في واحدة من أهم الوثائق التي تصدرها المملكة، وهي رؤية 2030.
لكن للحقيقة والتاريخ، ومع كل هذه الطموحات والآمال، لا بدَّ أن نعترف أنْ ثمة مخاطر وعوائق، ومصاعب، وعقبات، لا ينبغي أن نغفل عنها، فهي بقع حمراء في لوحة نريدها ونتمناها أن تكون دائمًا ورديَّة زاهية، خلاَّبة بديعة. رؤية المملكة تواجهها نذر خارجيَّة ليست جيِّدة في أحسن الأحوال، وبالغة الصعوبة في أسوأ الأحوال. وأحسب أنَّ التغلُّب عليها وتجاوزها ممكن، لكنَّه طريق ليس مفروشًا بالورود، ولا الأحلام.
لم نفقْ بعد من تحوُّل سياسة الولايات المتحدة الأمريكيَّة، والغرب من ورائها من عدوٍ ظاهرٍ لإيران الصفويَّة المجوسيَّة إلى صديقٍ ظاهرٍ، وربما حليفٍ باطنٍ، ممَّا يزيد من ولع طهران بمزيدٍ من المغامرات المتهوِّرة، التي تدعم مشروعها الصفويّ الذي -للأسف الشديد- يقوم على مبدأين أساسيين، هما: النفوذ السياسي، والتوغل العقدي. وفي العراق والشام نرى نماذج واضحة للمبدأ الأول، في حين نرى في إفريقيا تحديدًا (وربما بعض الدول العربيَّة) نماذج للمبدأ الثاني، على حساب تراجع الامتداد السنِّي الطبيعي، والذي هو الأصل منذ قرونٍ طويلةٍ.
نعم لم نفقْ من الصدمة الأولى، حتَّى صدمنا الجهاز التشريعي الأمريكي بإقرار قانون (جاستا)، بأغلبية كاسحة في كلا المجلسين، وهو قانون يسمح بمقاضاة ما يزعمونه الدول الراعية للإرهاب. قانون ظاهره العموم، وباطنه تخصيصه ضد بلادنا، التي هي المتضرِّر الأكبر من الإرهاب، وهي الأولى في محاربة الإرهاب.
وثمة مشرعون ورجال سياسة آخرون في الولايات المتحدة (يُنفِّذون أجندات صهيونية فارسية) يُصرّون على ربط المملكة وصبغتها الدينية والشرعية بمرتزقة داعش، كما حاولوا من قبل ربطها بالقاعدة. ولأن كثرة (الدوي) قد تصيب، فالحرص منّا واجب، والحذر أوجب.
حفظ الله بلادنا، وأعاد عليها هذه المناسبة المهمَّة آجالاً طويلة وأزمنة مديدة.