Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أثرياء.. والشجرة العوجا!!

* يبدو أن كثيرًا من أثريائنا (زادهم الله بسطة في المال والوطنية) يُحقِّقون وبفعالية المثل الشعبي الخليجي الذي يقول: (الشجرة العوجا، بطاطها في غير حوضها)، فمنافع و(بطاط) معظم أعمالهم واستثماراتهم الضخم

A A
* يبدو أن كثيرًا من أثريائنا (زادهم الله بسطة في المال والوطنية) يُحقِّقون وبفعالية المثل الشعبي الخليجي الذي يقول: (الشجرة العوجا، بطاطها في غير حوضها)، فمنافع و(بطاط) معظم أعمالهم واستثماراتهم الضخمة غالبًا ما تكون بعيدًا عن الديار؛ وعن نفع أهلها.. حتى الاستثمارات المحلية القليلة تكون في الغالب (أنانية) وذات مردود فردي؛ لا ينتفع منه لا الوطن ولا المواطن بشيء، وإلا كيف يمكن تفسير أن لا يكون في بلادنا التي تحتل المرتبة 14 عالميًا في عدد المليونيرات سوى 10- 12 مصنعًا للدواء فقط، رغم الربحية العالية لهذه الصناعة، والحاجة المتزايدة للدواء والتي رفعت أسعاره لدرجة دفعت الفقراء للهرب نحو وصفات العطارين والدجالين وتجار الرقية؟!.
* مصانع الدواء الوطنية -بحسب إحصاءات شبه رسمية- لا تُغطِّي أكثر من 20 إلى 25%‏ فقط من إجمالي سوق الدواء السعودي الذي تُقدِّره نفس المصادر بنحو 15 مليار ريال، وبينما تسجل صادرات مصانعنا القليلة تراجعًا عجيبًا، حيث بلغ إجمالي صادراتها ملياري ريال فقط لاغير للعام 2015، ازداد بالمقابل حجم الاستيراد ليصل إلى قرابة 80%‏ من (كعكة سوق الدواء)، وهذا يعني بحسبة بسيطة (12) مليار ريال أدوية مستوردة سنويًا، لا يستفيد منها المواطن شيئًا بل ترجع فائدتها إلى المستوردين الكبار فقط!!
* لا أعرف سر العزوف الغريب لكثيرٍ من رجال الأعمال لدينا عن المساهمة في تصنيع الدواء، رغم أنهم يُدركون جيّدًا أنها من الصناعات المهمة لتنمية الاقتصاد الوطني فضلًا عن إنسانيتها.. فبالإضافة إلى المساهمة في تخفيف لهيب أسعار الأدوية -التي تحوّلت إلى رفاهية لا يقدر عليها غير الأثرياء- فإنها تساهم في تقليل نسب البطالة من خلال استيعاب أعداد كبيرة من الشباب العاطل ونصف العاطل وما بين البينين.
* ولأن الصناعة عمومًا تتناغم مع الرؤية السعودية 2030 في تنويع وزيادة مصادر الدخل الوطني غير النفطية، يصبح من المهم جدًا استقطاب استثمارات عالمية في قطاع الدواء، لإصلاح ميزانه التجاري الذي يميل كثيرًا لصالح الاستيراد الخارجي، وفك احتكاره، حتى لا يكون الدواء سلعة تتعدّى قوانين العرض والطلب إلى قوانين الجشع والطمع.. فالمواطن البسيط (الغلبان) بإمكانه التعايش مع ارتفاع أسعار بعض السلع، إمّا بتقنين ميزانيته، أو بالاستغناء عنها نهائيًا.. لكنه لا يستطيع الاستغناء عن الأدوية لارتباطها المباشر بصحته وحياته!.
* أتمنى أن يكون ضمن برامج التحول الوطني برامج (مناصحة) ترفع من الحسّ الوطني والإنساني عند كثير من رجال الأعمال، وتُعمّق وعيهم تجاه أدوارهم المأمولة في رفع الناتج المحلي، والتخفيف من معاناة مواطنيهم.. حتى لا يُحقِّقون المثل المصري الآخر الذي يتهمهم بأنهم (زي القرع يمد لبرا).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store