Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مجلس الأمن عاريًا

المشهد الدولي بخصوص ما هو جارٍ في سوريا هذه الأيام مضحك مبكٍ معًا، وشر البلية ما يضحك، من أمثلة ذلك، تبادل التهم والتهم المضادة المبنية جميعها على الأكاذيب والتضليل الإعلامي المخزي بين كل من روسيا وال

A A
المشهد الدولي بخصوص ما هو جارٍ في سوريا هذه الأيام مضحك مبكٍ معًا، وشر البلية ما يضحك، من أمثلة ذلك، تبادل التهم والتهم المضادة المبنية جميعها على الأكاذيب والتضليل الإعلامي المخزي بين كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في جلسة مجلس الأمن -الاثنين الماضي- التي خصصت لسوريا إثر ضرب قافلة إغاثة إنسانية مكوَّنة من عشرين شاحنة مُحمَّلة بالمواد الغذائية، وشيئًا من الإمدادات الطبية، في طريقها لحلب المحاصرة، وبالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر التابع للنظام السوري، فمن يا تُرى كان المعتدي الأثيم، وماذا استطاع مجلس الأمن أن يفعل بشأن هذه الحادثة الإجرامية وتوجيه أصابع الاتهام للفاعل الحقيقي، وهل بإمكانه أن يستصدر قرارًا ويُنفِّذه تحت البند السابع؟!.
إن الفوضى في تطبيق قرارات مجلس الأمن تعكس مدى الحضيض الذي هوى إليه مستوى الأمن والسلم العالميين، ومدى تلاعب الدول الخمس الدائمة بالمجلس المحتكرة لحق الفيتو.
وكان النظام السوري قد اتهم القوات الأمريكية بشن غارة جوية -السبت الماضي- على قواته المتمركزة بقاعدة دير الزور العسكرية بطائرتين مقاتلتين هجوميتين من طراز إف-16، وطائرتين أُخريين للقتال الأرضي من طراز أي-10، والتي انطلقت جميعها من العراق، ثم ادّعت الإدارة الأمريكية أن ذلك الهجوم وقع خطأً!! ولكَ أن تتخيَّل مدى سذاجة مَن يُصدِّق ذلك الادّعاء، والحقيقة أنه يتم استهداف المقاومة السورية والمدنيين العُزَّل على حدٍّ سواء، بعد تصنيف الجميع -حتى الأطفال- على أنهم إرهابيون، لكن لعل الأغرب أن استهداف قاعدة دير الزور التابعة للنظام السوري جاء مع سبق الإصرار والترصُّد ضمن إطار التعزيز العسكري الأمريكي لقوات داعش الإرهابية، على الرغم من زعم الولايات المتحدة بادئ الأمر بأنها جاءت إلى سوريا ضمن تحالف دولي للقضاء على داعش؟!
تلك التطورات -رغم سخافة مزاعمها وتهافت منطقها- أحداث بالغة الخطورة وبمثابة اللعب بالنار بجوار وقود سريع الاشتعال، وقد تتصعد في لمحة بصر إلى حربٍ كبرى، يكون من بين وقودها المزيد والمزيد من السوريين والعرب عمومًا، وعلى رأي الشاعر: «والحرب مبدؤها كلام».
يرى المتحدث الرسمي باسم وزير الدفاع الروسي الجنرال إيغور كوناشنيسكوف بأن هذه الحادثة وعند أحسن الظن تنمُّ عن انعدام الرغبة في التنسيق بين الطرفين في محاربة الإرهاب في سوريا، كما أن توقيت الحادثة مثير للاستغراب، إذ أنها وقعت أثناء المحادثات عن اتفاقية وقف إطلاق النار.
سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- في خطابه أمام الاجتماع السبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة، الذي عُقد الأسبوع الماضي بنيويورك، ركَّز على نقطة بالغة الأهمية كونها تمسُّ السيادة الوطنية، ألا وهي محاولة بعض الدول الكبرى باختطاف دور الأمم المتحدة باستصدار برلماناتها لقراراتٍ تُخوِّل الأفراد والجماعات المدنية من مواطنيها برفع قضايا ضد دولٍ أخرى، كما هو جارٍ حاليًا من قبل الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي فيما يخص أحداث 11 سبتمبر 2001م، مما يمسُّ الحصانة السيادية للدول المستهدفة، علمًا بأن قوانين كتلك، شأنها شأن ما يُسمَّى بالقوانين العالمية، سيكون مصيرها مصير بقية التشريعات الدولية، يعتمد تطبيقها على مَن سيكون المُستَهْدَف.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تطرَّق بدوره في كلمته في نفس الجلسة إلى عجز مجلس الأمن أمام الدول الخمس دائمة العضوية والتي لا تُمثِّل العالم، بل مصالح الخمس الكبار فقط، وأنه لابد من إصلاحات للمجلس تعكس المساواة والعدالة، وإلا تحوَّلت الأمم المتحدة ومجلس أمنها إلى ما لا قيمة له، فهو لا يُمثِّل إلا ذاته، والخمس دول دائمة العضوية، وذلك ليس إلا جزء من البشرية التي تُعمِّر الأرض بإذن ربها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store