Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ذمُّ السَّلَف لغاياتِ التَّرف!

لابدَّ للإنسَان أَنْ يَدرس الظََّوَاهِر، ويَتتبَّع النّتوءَات التي تَظهر في المُجتمَع مِن وَقتٍ لوَقت، ولَعلَّ أَبرَز ظَاهرة بَدأَت عَقليَّتي تُدركها، هي ظَاهرة طَلب «السُّلفَة»، أَو مَا يُمكن أَنْ نُ

A A
لابدَّ للإنسَان أَنْ يَدرس الظََّوَاهِر، ويَتتبَّع النّتوءَات التي تَظهر في المُجتمَع مِن وَقتٍ لوَقت، ولَعلَّ أَبرَز ظَاهرة بَدأَت عَقليَّتي تُدركها، هي ظَاهرة طَلب «السُّلفَة»، أَو مَا يُمكن أَنْ نُسمِّيه «السَّلْتَحَة» المَاليَّة، مِن أَجل الحَركَات التَّرفيهيَّة..!
لَستُ بذَلك الغَني، ولَكن لأنَّني أمتَازُ بقَدرٍ مِن الغَفلَةِ والبَسَاطَة، يُحَاول البَعض أَنْ يَتسلَّل إليَّ مِن هَذه الزَّاوية، طَالبًا مِنِّي -أَو مِن غَيري- مُسَاعدةً مَاليَّةً عَلى شَكل سُلفَة، وهَذه السُّلفَة بالتَّأكيد لَن تُستَرَد، وقَد قَال أجدَادي -رَحمهم الله-: (السَّلَف تَلَف)، وقَال غَيرهم: (إذَا أَردتَ أَنْ تَخسرَ أَحدَهُم، فحَاول أَنْ تُقرضَهُ، أَو تَقتَرض مِنْهُ)..!
أَعرف أَنَّ كَثيرًا مِن النَّاس قَد يَستلف مَالاً؛ كَي يَدفَع إيجَار مَنزله، أو لكَي يُوفِّر لأبنَائه لُقمة عَيشٍ كَريمة، أَو يَشتري دوَاءً نَادرًا، وهَذه الفِئة لَا أَقصدها بالمَقَال والسُّخرية، وإنَّما أَقصد طَوائف مِن النَّاس يَطلب سُلفَة، وإذَا سَألتَه لِمَاذا؟ يَقول: (أُريدُ أَنْ أُسَافرَ في إجَازةِ الصَّيفِ إلَى إسبَانيَا مَع أصدقَائِي)، أَو يَقول: (أُريدُ أَنْ أَشتَريَ سيَّارةً جَديدَةً فَخمَةً بالأقسَاطِ، وأحتَاجُ دُفعَةً أُولَى)، أَو يَقول: (أُريدُ الذَّهَابَ إلَى مَكَّة، وأَسكنُ بجوَارِ الحَرَمِ فِي أَغلَى الفَنَادقِ)، أَو يَقول: (أُريدُ أَنْ أَتزوَّجَ زَوجَةً ثَانيةً).. وهَكذا، كُلُّ هَذه السُّلف يَطلبها أَصحَابها؛ مِن أَجل البَحْبُوحَةِ في العَيش، والتَّرفيه عَن النَّفس، والتَّوسُّع في الحصُول عَلى الكَمَاليَّات والملذَّات..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَن نَقول: يَا قَوم، يَا مَن تَطلبون السُّلفَة، حَاولوا أَنْ تَجعلوا ملذَّاتكم عَلى قَدر مُدخَّراتكم، ولَا تُثقلوا عَلى أَنفسِكُم مِن أَجل مُتَع عَابِرَة، وتَأكَّدوا أَنَّ المُتَع التي تَرغبون الحصُول عَليها نَعرفها، ونَتطلَّع إلَى تَحقيقهَا لأنفسِنَا؛ قَبْلَ أَنْ نُحقِّقها لَكُم، ولَكنَّنا نَمتَنع عَن ذَلك؛ بسَبَب مَحدوديَّة دَخلنا، وقلَّة ذَاتِ يَدّنَا!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store