Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل ارتقى إعلامنا إلى مستوى التحديات التي نواجهها؟!

يُعتبر سلاح الإعلام أهمَّ سلاح على الإطلاق، في العصر الذي نعيشه، وما يشهده العالم من أمواج عاتية وتحدِّيات، ولابدَّ من تسخير كلّ وسائل الإعلام والاتِّصال لمواجهة هذه التحدِّيات، ولسنا في معزل عن تلك ا

A A
يُعتبر سلاح الإعلام أهمَّ سلاح على الإطلاق، في العصر الذي نعيشه، وما يشهده العالم من أمواج عاتية وتحدِّيات، ولابدَّ من تسخير كلّ وسائل الإعلام والاتِّصال لمواجهة هذه التحدِّيات، ولسنا في معزل عن تلك التحدِّيات، سواءً كانت عسكريَّة، أو اقتصاديَّة، أو أمنيَّة، أو عقديَّة، أو فكريَّة، والقائمة تطول، لذلك نتمنَّى أن يرقى إعلامنا الخارجي إلى مستوى التحدِّيات، وتشير كلُّ الوقائع إلى أنَّ إعلامنا يقوم بالدرجة الأولى على الخطاب الموجَّه لنا، وليس للآخر، فنحن في وسائل إعلامنا المختلفة نتحدَّث مع أنفسنا، وباللغة التي نفهمها نحن فقط، فلا تصل الرسالة الإعلاميَّة إلاَّ إلينا، وبلغة الإعلام والاتِّصال الحديث: نحن المرسِل، ونحن المستقبِل، وبلغة الحجاز وأمثاله المعبِّرة الذكيَّة: «البايع باخيضر، والشاري باخيضر»، فلغة الإعلام الرئيسة هي العربيَّة، مع وجود صوت أجنبي خافت، في قنوات قليلة، وصحف معدودة محدودة، وحضور الخطاب السعودي في وسائل الإعلام الفاعلة القويَّة عالميًّا يكاد يكون منعدمًا تمامًا، إلاَّ ما بتنا نراه ونسمعه مؤخَّرًا جدًّا من تصريحات، ومقابلات، ومقالات قويَّة جدًّا لوزير خارجيَّتنا الكفء الشاب عادل الجبير بالعربيَّة والإنجليزيَّة، وهو كاتب صحفي عالمي معروف، ويملك صهوة الكلام باللغتين بطلاقة فائقة، وهو ما لا يتأتَّى لكثير من وزراء الخارجيَّة العرب، وبعض الغربيين من إجادة لغتين من عائلتين مختلفتين: السامية، والأنجلوساكسونيَّة إجادة تامَّة، واللغة -كما هو معروف- هي وعاء الثقافة، وكما أنَّ لغة الجبير عالية ورفيعة، فإنَّ ثقافته عالية ورفيعة، وممَّا استمعتُ إليه مؤخَّرًا مناظرة بينه وبين أحد الغربيين حول داعش، والتطرُّف المنسوب إلى الإسلام عمومًا، وكان حديث الجبير عن ظاهرة التطرُّف في الأديان المختلفة مقنعًا للغاية، ومدعَّمًا بالأدلة التأريخيَّة، والمنطقيَّة القويَّة، بحيث اقتنع الحاضرون، ومتقدِّمًا بحجَّته على حجَّة مناظره، وأزعم أنَّ الجبير بات يسدُّ ثغرة كبيرة في مجال الإعلام الخارجي. وخلاصة القول: إنَّنا بحاجة إلى خطاب إعلامي موجَّه للآخر، يبيّن أنَّ قضايانا عادلة، وأنَّ معالجتنا لها متوازنة، وأنَّنا بعيدون عن التطرُّف والغلو، وأنَّنا دعاةُ سلامٍ لا دعاة حرب، وأنَّنا نعاني -كما يعاني غيرنا- من الأزمات الاقتصاديَّة، ولسنا مسببًا لها.
ولابدَّ من تفصيل القول إزاء كلِّ ما سبق بيانه، حول ما ينقصنا ليكون صوتنا الإعلامي مسموعًا، ومؤثِّرًا، إذ إنَّ ما ينقصنا هو الخطاب الإعلامي المدروس، الموجَّه إلى الخارج أولاً، وإلى الداخل ثانيًا، وتنقصنا كذلكم الاحترافيَّة، فلا مكان اليوم في أيِّ بقعة من العالم للإعلام التقليدي النمطي، وأحسب أنَّ المتلقي اليوم يحمل في يده على الدوام «الريموت كونترول»، ليغيّر المحطة، أو الموجه، أو يقلب الصفحة على الفور إذا ما اطَّلع على طرح إعلامي مكرور، أو لمس فبركة واضحة، أو واجه شكلاً إعلاميًّا مستهلكًا قديمًا، وهنا لابدَّ لنا من أن نركِّز على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يُسمَّى بالإعلام الجديد الذي لا يستثمر عندنا إلاَّ في التفاهات، أو بما يضر ولا ينفع، ولابدَّ من تقنينه وتوجيهه، والارتقاء به ليصل صوتنا إلى كلِّ جمهور هذا الإعلام الفاعل، ويتبنَّى قضايانا، ويعلم أنَّ كثيرًا ما تبثه وتنشره وسائل إعلام مغرضة، مزيف ومكذوب.
وفي لقاء مفتوح مع معالي الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وزير الثقافة والإعلام في نادي جدَّة الثقافي الأدبي، بيَّن معاليه أنَّ خطوات جادَّة اتُّخذت للرقي بمستوى أداء الإعلام الخارجي، كنشر أخبار «واس» بعشر لغات، وبث الإخباريَّة بالإنجليزيَّة، وكل تلك خُطىً في الاتِّجاه الصحيح، ولكنَّنا نحتاج إلى عدة خُطىً أخرى أشرتُ لبعضها في هذه المقالة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store