Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

منحنى انهيار القيم في الغرب

في عام 1968م، أيّ قبل 48 سنة، استهدفت الحركة النسويَّة في الولايات المتحدة (بمظاهرات واحتجاجات)، القائمين على مسابقة ملكة الجمال هناك، باعتبارها آليَّة تنضح بصور مهينة للمرأة، ومقلِّلة من شأنها.

A A
في عام 1968م، أيّ قبل 48 سنة، استهدفت الحركة النسويَّة في الولايات المتحدة (بمظاهرات واحتجاجات)، القائمين على مسابقة ملكة الجمال هناك، باعتبارها آليَّة تنضح بصور مهينة للمرأة، ومقلِّلة من شأنها. في ذلك العام اغتيل الدكتور مارتن لوثر كنج الزعيم الثوري الأسود للتيَّارات المناهضة للعنصريَّة الكالحة ضد السود في الولايات المتحدة آنذاك.
في ذلك العهد كانت المسابقة الفاضحة ذات شعبيَّة بالغة، خاصَّة عبر محطات التلفزة التي تنقلها. وكانت رؤية العقلاء أنَّ فيها امتهانًا للمرأة، وتقديمها سلعة للأنظار المتربِّصة، وللشهوات الجامحة، وللمشروعات الإعلانيَّة التي ترسِّخ جسد المرأة، وما فيه من مفاتن وإغراءات.
وخلال نصف قرن فقط، بل خلال أقل من ذلك، ذابت كلُّ الأصوات العاقلة التي كانت تلعن هذا السفه الحيوانيّ البغيض. وتحت شعار الحريَّة الشخصيَّة التي يتضمَّنها الدستور الأمريكي، وتفسيراته العوجاء، انهارت كثيرٌ من القيم والمبادئ، وباتت أساطير غابرة، وحكايات عابرة.
ومنذ ذلك التاريخ تهاوت كثير من القلاع التي حافظت على تماسك الأسرة في الغرب، فانتشر البغاء مثلاً، وشُرِّع في عددٍ من الولايات، في حين سبقه انهيار منظومة الأسرة، واستبدلت بإقرار العلاقة (غير الشرعيَّة) بين الذكر والأنثى، باعتبارها (سلوكًا) بيولوجيًّا طبيعيًّا يشبع الغريزة، وينفِّس عن (الكبت) المزعوم. لقد استطاع (الذكر) الماكر، استغلال (الأنثى) العاطفية إلى أقصى درجة متاحة، تحت شعارات (الحريَّة)، و(التقدميَّة)، و(المساواة)، و(الاستقلاليَّة في القرار).
لم ينتهِ المشوار إلى تفسُّخ العلاقة بين الجنسين إلى حد الانحلال، الذي لا رجعة فيه، حتَّى بين الأزواج الشرعيين، فباتت قصص المغامرات العاطفيَّة الجانبيَّة مقبولةً، ومتوقَّعةً، ومنتشرةً. نعم لم يتوقف الفيضان هنا، بل تجاوزه إلى تقنين العلاقة بين الذكر والذكر، وبين الأنثى والأنثى، فأصبح زواج المثليين قانونيًّا، يترتب عليه قضايا أخرى مثل النفقة، والإرث، وتحمُّل المسؤوليَّات النظاميَّة المعتادة في الزواج الطبيعي.
تلكم هي عبادة الشيطان، الذي ينقل المجتمعات من دركٍ إلى درك أشدّ سوءًا. إنَّه التدرُّج في الغواية، والاستمرار في الانحراف، والإصرار على التيه والضياع. وكل ذلك يُصبغ بألوان زاهية من التطوّر والتقدُّم والحريَّة الشخصيَّة، ومراعاة التركيبات البيولوجيَّة والنفسيَّة والإنسانيَّة.
و{مَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ}.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store