التطوير على الطريقة التركية

كيف نستطيع تطوير العشوائيات برضا الأطراف، وكيف تعم الفائدة؟.. والإجابة بكل بساطة: عندما يكون الكل رابحًا ومستفيدًا، بحيث لا يطغى جانب على جانب في طرفي المعادلة، ويتحقق التكافؤ. ومن خلال القيام بعملية التطوير وتجهيز المشاريع من زاوية تخدم وترضي الجميع. وشاهدتُ من خلال متابعتي للمشاريع في تركيا وفي مدينة إسطنبول بالتحديد عدة نماذج تُسهم في تجديد وتطوير المباني والمناطق. فمثلاً منطقة فكرتبة في إسطنبول الجزء الآسيوي، منطقة من العشوائيات في المدينة قام المحافظ بوضع خطة كاملة لتطوير المنطقة، وطلب من شركات التطوير اختيار أجزاء لتطويرها، وتم الاتفاق بين الشركات والسكان، وتوصلوا لمعادلة مرضية للطرفين ساعدت المحافظة على قيام المشروع وتسهيل التصاريح له، وحددت الشوارع فيه، ولم تتحمل المحافظة أي تكاليف واستفاد المُطوِّر والمالك من المشروع، وحققت المحافظة هدفها، وتكوّنت منطقة مُطوَّرة بصورة إيجابية ورفاهية عالية.

النموذج التركي في التطوير سهل، ويقوم على التعاون بين المالك والمُطوِّر والمقاول دون الحاجة لاستثمارات مالية ضخمة، وبصورة واضحة محفوظة فيها الحقوق وبشفافية عالية وإيجابية. فالمُطوِّر يقوم بإعطاء المالك عددا من الوحدات الناتجة مقابل الأرض التي يتم تطويرها، وبالتالي لا يتم دفع قيمة الأرض نقدا، وإنما من الناتج. كذلك المقاول وتاجر مواد البناء، يتحصَّل على وحدات سكنية ناتجة من قيام المشروع، ومع بدء المشروع وفي مرحلة محددة يتم بيع الوحدات على الخارطة للملاك الجدد، وبسعر محدد مِن قِبَل المُطوِّر، وعادةً ما يقوم المُطوِّر بعرض الوحدات إن رغب مالك الأرض والمقاول والتاجر للبيع، وتحويل البيع إلى سيولة نقدية تفيد الأطراف. وتدعم الدولة الأطراف من خلال قروض لفترات بين ٤-١٠ سنوات للمشترين، وخفض الضرائب إلى أكثر من الربع، أو في حدود الواحد في المائة لدعم هذا النشاط مقارنةً بالبناء في أراضٍ بيضاء. والملاحظ بالتالي أن الفائدة تشمل كل الأطراف، والمعادلة عادةً ما تكون جيّدة، لأنها قائمة على التراضي والقبول بين مختلف الأطراف، مما يساعد على سرعة قيام المشروع ونجاحه، وتُحقِّق الدولة أهدافها من زاوية التجديد، وإزالة المناطق العشوائية لفائدة البلاد.