Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الموعد الثاني مع علي العلياني !

عَلَاقتي بالعَدوِّ الصَّديق، والصَّديقِ العَدوّ «علي العلياني» ذَاتَ بُعْدين، بُعدٌ شَخصي، وهو المَوعد الأوّل، وبُعدٌ مِهني، وهو المَوعد الثَّاني، أمَّا الأوّل، فهَو «عَلي» الأَخ والصَّديق، الذي أَعرف

A A
عَلَاقتي بالعَدوِّ الصَّديق، والصَّديقِ العَدوّ «علي العلياني» ذَاتَ بُعْدين، بُعدٌ شَخصي، وهو المَوعد الأوّل، وبُعدٌ مِهني، وهو المَوعد الثَّاني، أمَّا الأوّل، فهَو «عَلي» الأَخ والصَّديق، الذي أَعرفه مُنذُ عَشرَات السِّنين، ومِن حُسن المُصَادَفَة أنَّه هو ومَولَانا «أبوالحكم»، هُمَا آخر اثنَين ودَّعَاني عِندَما أَردتُ السَّفر لدِرَاسة الدُّكتورَاة في بريطَانيا، قَبْل عَشْر سَنوَات..!
ومِن المُصَادَفَة أَيضًا، أَنَّ «علي» أَوَّل مَن قَابلني في السّعوديّة، بَعد أَنْ حَصلتُ عَلَى الدُّكتورَاة، لِذَلك، ومِن هَاتين المُصادَفتين؛ جَاءت فِكرة أَنْ يَكتب هو مُقدِّمة كِتَابي، الذي يَتنَاول السِّيرَة الدِّراسيَّة، تَحت عِنوَان: «المُهمَل مِن ذِكريَات طَالب تَنبل»..!
أَمَّا المَوعد الثَّاني، فهو «علي» المُذيع اللَّامِع، والصَّحفي السَّاطِع، الذي رَحَلَ عَن مَجموعة قَنوَات رُوتَانَا، بَعد أَنْ لَملَم أَغرَاضه وآمَاله، وتَرك بَصمَاته ومَدرسته وأَعمَاله، رَحَل مِن مَكانٍ حَافلٍ بالعَمل، إلَى مَكانٍ حَافِلٍ بالأمَل..!
«علي»، هَذا المَدعو «أبوسعد»، أَسَّس أَكَاديميّة اسمها «يَا هَلَا»، تَأتي في السَّاعة الثَّامِنَة، كَان هَمّها الأوّل والثَّاني والعَاشِر «المُواطِن»، وكُلّ البَرامِج التي تَأتي فِي هَذا التَّوقيت؛ في بَاقي القنوَات، هي مُجرَّد مُحَاولة لسَحب البسَاط مِن «يَا هَلَا»، أَو مُحَاكاته أَو مُشَابهته..!
«علي»، رَجلٌ وَطني، جَاء مِن البُسطَاء، فكَان أَفصحهم لِسَانًا، لذَلك حَمَلَ عَلى عَاتِقه ولَسانِه ويَده مهمّة الدِّفَاع عَنهم، ونَقل آمَالهم وتَطلُّعاتهم ومُعَانَاتهم إلَى المَسؤول، عَبر طَاولة البِرنَامج الشَّهير «يَا هَلا»..!
«علي»، رَجلٌ يَأتي إلَى الاستوديو -أحيَانًا-، وهو غَارقٌ بالدّمُوع، لأنَّه رَأَى جُدَّة تَبكي بدمُوع السّيول..!
«علي»، يَأتي إلَى الاستوديو -أَحيَانًا- وهو غَاضبٌ، لأنَّه شَهد مُعَانَاة مُواطِن، يَبحث عَن رَغيفٍ سَاخن ولَا يَجده..!
أكثر من ذلك، فإن أَغلَب المُذيعين في السّعوديّة، يَبدأون في الدَّاخِل، ثُمَّ يَنتقلون إلَى الخَارج، أَمَّا المَدعو «علي العلياني»، فقَد كَانت هِجرَته مُعَاكِسَة، حَيثُ نَجح في القَنوَات اللِّبنَانيّة في بَيروت أَوَّلاً، ثُمَّ جَاء عَلى ظَهر دَبَّابة الحُب، ليَستَقر في الرِّيَاض..!
«علي»، تَعرَّض للإيقَاف أَكثَر مِن مَرَّة، وقَد عَاصرتُ كُلّ مَراحل إيقَافه، وغَضبتُ مِنه، ظَنًّا مِنِّي بأنَّه مُوقَف بسَبب حَديقَةٌ عَامَّة سَرقها، أَو مِنحَة طَبَّقهَا لنَفسه، ولَكن للأَسَف أَنَّ إيقَاف «علي» في كُلِّ مَراحلِهِ، كَان بسَبَب أنَّه مُحَامي البُسطَاء، وصَوت المُواطنين الضُّعفَاء..!
«علي»، رَجلٌ مَوهوب، شَديد الذَّكَاء، قَوي الذَّاكِرَة، يَعشق المَوهِبَة، ويُحبُّ العَمَل، لذَلك لَا أَظنُّ أَنَّ مُذيعاً سُعوديًّا؛ يَملك مِن سَاعَات الظّهُور عَلى الهَوَاء، مِثل التي يَملكها «أبوسعد»، حيث تَتجَاوز عَشرَة آلَاف سَاعَة..!
أَخيرًا، كَان عَامِل المَعرفة المَدعو «العرفج»، بَعد أَنْ تَقَاعَد قَبل أَربَع سَنوَات، عَازمٌ عَلَى الهِجرَة إلَى الفِلبِّين، ليَستقر هُنَاك، ولَكن «علي» بذَكِائهِ واحتيَالَاتهِ ومَكره، احتَال عَلى هَذا المُوَاطِن، وأَوقعه في فَخٍّ اسمه «يَا هَلَا بالعَرفج»، هَذا الفَخ كَانت أَسلحته: المَحبَّة والإغرَاء بالشُّهرَةِ والمَال، وبذّلك انصَرَفَت الهِجرَة مِن الفِلبِّين إلَى رُوتَانَا، ومَا تَضمّه مِن بَقية المُذيعين..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ أُذيع سِرًّا لَا يَعرفه إلَّا أَنَا و»علي»، وثَلاثة مَعنَا. في رَمضان المَاضِي، كَان الضّيف الكَابتن «محمد نور»، والبَث مِن دُبي، ولظَرفٍ طَارئ، لَم يَتمكَّن «نور» مِن السَّفَر، وفي خِلال يَومين أَنجَزَ «علي» استوديو خَاصًّا في الرِّيَاض لـ»أبي نوران»، وخَرَجَت الحَلقَة مِن الرِّيَاض دُونَ أَنْ يَشعر بذَلك أَحَد، مَع أَنَّ كُلّ حَلقَات «يا هلا» فِي رَمضَان، كَانت مِن دُبَي، وحِينَ سَألتُ «علي»: لِمَاذا كُلّ هَذا؟! قَال لِي: يَا أَحمَد، لَا أُريد «محمد نور» أَنْ يَنكَسر أكثَر..!
هَذا هو «علي» الإنسَان، الذي قَد لَا يَعرفه الآخَرُون، لأنَّهم يُحاكمونه مِن تَعابير وَجهه الغَاضِبَة أَحيانًا، بسَبَب تَقصير مَسؤول، أَو رَدَاءة مُوظَّف..!!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store