الاقتداء بألمانيا واليابان

ألمانيا واليابان اللتان أصيبتا بأبشع أنواع الخسائر والدّمار بعد الحرب العالمية الثانية البشعة، هاتان الدولتان لم تدفنا تحت التراب بعد هذه الحرب، ولكنهما نهضتا من تحت الحطام والأنقاض لتعودا إلى قمة الدول في العالم بأسره. كيف نهضت ألمانيا من تحت الحطام؟ إن تأثيرالحرب العالمية الثانية على ألمانيا كان تأثيرًا كبيرًا جدًا، فقد تمّ تقدير خسائر ألمانيا وفقًا لدراسات حديثة بما يزيد عن الخمس ملايين قتيل من العسكريين فقط، بالإضافة إلى مئات الآلاف أو ملايين البشر الذين سقطوا نتيجة القصف الجوي والتهجير ضد الأقليات وغيرها ممّا حدث في ألمانيا خلال الحرب، فيقدّر إجمالي الضحايا في ألمانيا بحوالى 11% من مجموع التعداد الألماني في تلك الفترة والذي يقارب 7.5 مليون شخص. على الرغم من أن الدعم الأمريكي خطة (مارشال) هو الجزء الأكبر لتطوير ألمانيا، لكنه في الواقع هو الجزء الأصغر في عملية إعادة الإعمار في ألمانيا، فقد كان الجزء الأكبر من الشعب من خلال الضرائب التي فرضت عليهم والصبر والعزيمة والعمل الدؤوب من أفراد الشعب. كما أنّ الدعم الأمريكي تمّ جمعه أيضًا من المستثمرين الصغار والإيداعات الصغيرة في البنوك. بدأت ألمانيا شيئًا فشيئًا وببطء باستعادة قوتها، فقد قامت برفع مستوى المعيشة للشعب الألماني وتصدير البضائع المحلية إلى الخارج، والتقليل من مستويات البطالة وزيادة إنتاج الغذاء المحلي، والتقليل من السوق السوداء أيضًا، وأمّا السبب الرئيس وراء النهضة الألمانيّة بعد الحرب العالمية الثانية فهو الثورة الصناعية التي حصلت في ألمانيا في شتى المجالات؛ إذ تحتلّ ألمانيا بفضل تلك الثورة الريادة في العديد من الصناعات المختلفة على مستوى العالم في الوقت الحالي.
بدأت تلك الثورة في الخمسينيات من القرن الماضي ممّا أدى إلى تقليل نسب البطالة بشكلٍ كبيرٍ جدًا، وتدفق الألمان كقوىً عاملة في شتى المجالات بعمل دؤوب من أجل شغل الوظائف المختلفة في ألمانيا، وقد أدّت الخطط الموضوعة والنهضة الألمانية السريعة من تحت ركام الحرب العالمية الثانية إلى تسمية صحيفة ذا تايمز الأمريكية للنهضة الألمانية بالمعجزة الاقتصاديّة الألمانية في عام 1950م. وألمانيا الآن من الدول الصناعية العظمى في العالم. اليابان كانت من الدول العظمى ومن أهمها ولكن بعد الحرب العالمية والهزيمة النكراء التي لحقتها والخسائر البشرية والمادية التي تعرضت لها ظن العالم أن اليابان قد اختفت للأبد ولكن إرادة شعبها القوية وسعيهم للرقي ببلدهم شكَّل لهم العزيمة والقدرة على النجاح والتطور لتنهض اليابان وتعود إلى كونها دولة من دول العالم العظمى.
نمر بظروف سياسية واقتصادية صعبة معروفة للجميع، حرب اليمن المفروضة علينا، وانخفاض أسعار النفط، وما تقوم به إيران من إثارة الفتن وزعزعة الأمن والطائفية في المنطقة، يتطلب من الجميع الصبر والتضحية من أجل الوطن، لا أنكر أن الغالبية تضررت من ارتفاع رسومات بعض الخدمات وإيقاف العلاوات السنوية لرواتب الغالبية من المواطنين. لكن الدولة تمر بأزمة مالية كما مرت على كثير من الدول وإن شاء الله تمر علينا بسلام بعزيمة المواطنين.