Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بلطجة أمريكية جديدة

ذكرت الحياة (25 سبتمبر) أنَّ الولايات المتَّحدة في صدد مصادرة 314 مليون دولار تابعة للحكومة السودانيَّة؛ بهدف دفعها تعويضات لعائلات ضحايا المدمِّرة الأمريكيَّة (كول)، التي تعرَّضت لهجوم مسلَّح في 12 أ

A A
ذكرت الحياة (25 سبتمبر) أنَّ الولايات المتَّحدة في صدد مصادرة 314 مليون دولار تابعة للحكومة السودانيَّة؛ بهدف دفعها تعويضات لعائلات ضحايا المدمِّرة الأمريكيَّة (كول)، التي تعرَّضت لهجوم مسلَّح في 12 أكتوبر من عام 2000؛ ممَّا أدَّى إلى مقتل 17 بحَّارًا، وإصابة 39 آخرين بجروح. الحادثة أكملت 16 عامًا، مات خلالها خلقٌ كثيرٌ، لكنَّها لم تمتْ في أروقةِ المحاكم الأمريكيَّة.
ورفع القضيَّة 15 بحارًا من المصابين، إضافة إلى 3 زوجات لبحَّارة متوفِّين أمام محكمة في نيويورك. أمَّا حكم القاضي فاستند إلى مزاعم بدعم حكومة السودان لتنظيم القاعدة -آنذاك-.
طبعًا لم تفلح جميع محاولات الحكومة السودانيَّة التي استعانت بمحامين رفيعي المستوى، وكذلك لم تفلح محاولات استئناف هذا الحكم نفسه، إذْ أصرَّ القاضي على موقفه المتشدِّد.
هكذا هي البلطجة بعينها، فعندما تكون الدولة غير منصفة، فإنَّك ترى عجبًا، وتسمع عجبًا، إذْ ترى كيف يتلاعب قاضٍ بسيطٌ في إحدى المحاكم الأمريكيَّة بدولةٍ ذات سيادة وشأن. والأدهى من ذلك صدور الحكم بناءً على تخرُّصات وأوهام، فالسودان الدولة لم تعلن يومًا تأييدها للقاعدة، ولا أظهرت فرحًا وشماتةً بحادثة المدمِّرة، أو غيرها من النكبات التي تحلُّ بالولايات المتحدة الأمريكيَّة بصفة دوريَّة متكرِّرة.
والحقُّ أنَّ السودان هِي الأَوْلَى بالحصول على تعويضات من الولايات المتَّحدة، جرَّاء قصفها بالصواريخ لمصنع أدوية الشفاء في السودان، إبَّان عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون في عام 1998م؛ بدعوى أنَّ المصنع ينتج موادَّ سامَّةً لصالح العراق، قد تُوجَّه إلى الولايات المتَّحدة، وتُشكِّل خطرًا على أمنها.
ويُقال إنَّ كلينتون أمر بالقصف ليُوجِّه الأنظار بعيدًا عن فضائحه مع الصبيَّة مونيكا، فما أظلمه من قرار، وما أكذبه من عذر! وهل العراق في حاجةٍ إلى دولة فقيرة مثل السودان تصنع له موادَّ سامَّةً ثُمَّ تنقلها عبر البحر، وعبر البرِّ إلى العراق! إنَّها أعذارُ العاجز عن تحكيم المنطق، واتِّباع الحق حيثما كان.
غطرسةُ القوَّة تُسقط هيبة العقل، وتقتل الثقة بين الدول. وفرقٌ كبيرٌ بين الغطرسةِ والمطالبةِ بالحقوق، فالأولى تَسلُّطٌ وعنجهيَّةٌ، والثانية عقلٌ وحكمةٌ.
هذه القضيَّة عيِّنة من (جاستا) سابقة، فاللهمَّ ألطف بنا في القادمة!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store