Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نقد الجابري للتّراث: ارتباك التّوصيف والممارسة!!

No Image

ما الإشكاليّة التي وقع فيها المفكر العربي، محمد عابد الجابري، في تناوله للعقل العربي مع كثرة ما كتبه حوله؟!

A A
ما الإشكاليّة التي وقع فيها المفكر العربي، محمد عابد الجابري، في تناوله للعقل العربي مع كثرة ما كتبه حوله؟!
سؤال يحيل بالدّرجة الأولى إلى المنطلقات التي انطلق منها الجابري في دراسة العقل العربي، وطريقة التعاطي معه، فإذا كان الجابري نفسه يؤكّد بأنّ بحثه في العقل العربي علمي؛ إلاّ أنه ليس بالدرجة التي توجد في بحوث الرياضيات أو الفيزياء!!
في هذا السّياق يؤكّد المفكر السعودي محمد الصوياني بأنّ أبرز من تناولوا العقل العربي اتّزانًا وعقلانيّة يعاني من ارتباك شديد في التّوصيف والممارسة.. فالجابري حينما يصف العقل العربي بأنّه «أداة للإنتاج النّظري صنعتها ثقافة معينة لها خصوصيتها، هي الثقافة العربية بالذات»، نراه، في المقابل، يصف هذه الثقافة بأنّها «التي تحمل معها تاريخ العرب الحضاري العام، وتعكس واقعهم أو تعبّر عنه وعن طموحاتهم المستقبليّة، كما تحمل وتعكس وتعبّر في ذات الوقت عن عوائق تقدمهم وأسباب تخلفه الراهن».
إنّ الإشكاليّة التي وقع فيها الجابري تكمن في الممارسة والتناقض العجيب ما بين النظريّة والتّطبيق - حسب ما ذهب إليه الصوياني- وهي حالة محيّرة ومتلازمة مع المفكّرين العرب عمومًا، وليس الجابري بدعًا من بين هؤلاء، فعند التّفاصيل تتّضح التّناقضات، وينكشف الفراغ لتلك الكلمات (الخواء)، ممّا أوجد للعقل العربي ذلك المذاق الغريب..!!
يقول الصوياني: «ورغم أنّ الجابري ليس كغيره يعيش أزمة خانقة مع التراث كأودنيس وأركون، لكنه متردد في الخوض في أعمق أعماق التراث، لا سيما وهو الذي يرفض حداثة عربية دون العودة للتراث نفسه»، ولهذا يقول الجابري:» فما لم نمارس العقلانية في تراثنا، وما لم نفضح أصول الاستبداد ومظاهره في هذا التراث، فإننا لن ننجح في تأسيس حداثة خاصة بنا - التراث والحداثة».
ومع إدراك الجابري للميزة، التي يحملها التّراث العربي في مقابل التراث الغربي عند تناوله لإشكالية الحداثتين العربيّة والغربية مع تراثهما؛ إلاّ أنّه أخفق أيّما إخفاق في وضع يده على سرّ التّراث العربي الذي لم يمكن الحداثة العربية من اختراقه وتجاوزه، وإن لم يمض الجابري كغيره في التّعامل السّطحي مع التّراث العربي الذي ينتهجه الكثير من المتعاطين مع ذلك التراث؛ كـ(العظم)، و(أركون)، و(أدونيس)؛ فهؤلاء- كما يصفهم الصوياني- يتحدّثون من منطلقات أيديولوجيّة في المقام الأوّل، وبأفكار جاهزة حالت بينهم وما بين النّقد العلمي الجادّ؛ فضلاّ عن أنّ تقمصهم للحداثة الغربيّة لم يسعفهم في تعاملهم مع تراثهم، تلك الحداثة التي تمكّنت من اختراق وتجاوز التراث الغربي، وأصبحت لا تتحدّث عن تجاوز الحداثة؛ بل تجاوزت ما بعد الحداثة، في الوقت الذي ينتكس فيه هؤلاء بالعربي للوراء بحثًا عن ذاتهم...!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store