Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قانون جاستا.. السحر والساحر

من اتِّفاقيَّة سايكس بيكو 1916م، إلى قانون جاستا 2016م، تناوبت الحروب على منطقتنا العربيَّة، وفي كلِّ حدث كانت الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة المتصدِّر الأول لحل تلك الأزمات، ولم تجنِ دول الصراع من ال

A A
من اتِّفاقيَّة سايكس بيكو 1916م، إلى قانون جاستا 2016م، تناوبت الحروب على منطقتنا العربيَّة، وفي كلِّ حدث كانت الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة المتصدِّر الأول لحل تلك الأزمات، ولم تجنِ دول الصراع من التدخل الأمريكي إلاَّ اتِّساع رقعة الشقاق، والتنازع طويل الأمد.
تراوح التحوُّل الجذريّ في مخطط التقسيم الأمريكي بين المماطلة والمراوغة، في حل تلك النزاعات، وصولاً إلى تبلور الدور الحقيقي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة جاهدةً عبر تحويل المنطقة العربيَّة برمَّتها إلى قطع بزل تُحرِّكها كيفما تشاء دون مقاضاة.
جاءت هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمثابة الحلم الذي جمح ببراقش بعيدًا، فاجتمعت الغاية والوسيلة التي مكَّنتها من مدِّ أذرعتها على امتداد الخارطة العربيَّة بحجَّة محاربة الإرهاب!! ومنذ ذلك التاريخ كانت أصابع الاتِّهام تشير في كلِّ شاردة وواردة إلى ضلوع المملكة فيها!!
العينُ هذه المرة على العقبة الواقفة في وجه تنفيذ مخطط التقسيم.. المملكة العربيَّة السعوديَّة، ودول الخليج، إلاَّ أنَّ الطريق إليهم طويل، وغير ممهد، وكي ينجح المخطط عليه أن يمرَّ أولاً بالعراق، ثم سوريا، فجمهوريَّة مصر العربيَّة عبر جماعة الشيطان، إلاَّ أنَّ الله قيَّض لمصر رجالاً صالحين، ومات المخطط على أرضها، بيد رجالها الشرفاء.
فهل يعتقد أعضاء الكونغرس أنَّه بعد كل ذاك العبث بسيادات الدول، أنَّه سيكون لهم الحق في سن القوانين والتشريعات كيفما شاءت أهواؤهم؟!
نقف هنا لنسأل أعضاء الكونغرس الأمريكي: مَن يُقاضي مَن؟ ولنأخذ عيِّنة قريبة لدور أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي «جو بايدن» نائب الرئيس الأمريكي، نموذجًا حيًّا وفاعلاً للدور الخفيِّ الذي يقوم به أعضاء الكونغرس الأمريكي في الحروب الدائرة اليوم.. فقد كانَ من بين مَن صوَّتوا لغزو أفغانستان 2001م، وغزو العراق 2003م، وفي 2007 طالب بتقسيم العراق تقسيمًا عِرقيًّا وطائفيًّا، وهو مَن اعترض على إدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابيَّة.
عيَّنة محارب الإرهاب هذا، وحمامة السلام!! بيِّنة في صور الانتهاكات الإنسانيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والسياديَّة في كلٍّ من العراق، وسوريا، وقبل ذلك بعقود في أفغانستان!!. ورغم أنَّه لا تنقصنا لا الحكمة، ولا القوة، إلاَّ أنَّ الولايات المتحدة أبت إلاَّ أن تكون عرَّاب المفاوضات في قضايانا العربيَّة، والتي لم يُحقِّق دورها أيَّ تقدُّمٍ يُذكر!!.
إنَّ قانون «جاستا» ليس مجرد سطور منصوصة في أضابير الكونغرس الأمريكي، ثمَّ يُطوى، وما السعي لتنفيذه إلاَّ لنزع سيادات الدول لمحاولة إضعافها، ومن ثمَّ فرض السيطرة، فأين العدالة في محاربة الإرهاب هنا؟! وهذا القانون بحدِّ ذاته يُعتبر جريمة إرهابيَّة من الدرجة الأولى.
إنَّ «جاستا» مخطط مدروس، ومُعدُّ له منذ زمن، وما تشهده الساحة العربيَّة اليوم من حروبٍ ونزاعاتٍ إلاَّ توطئة لتنفيذه، وطالما أنَّ حجتهم واهية، فعلى الولايات المتحدة أن تنتظر قائمة طويلة من القضايا التي ستُرفع ضدها من مواطني الدول التي أنهكتها الحروب، والانتهاكات الأمريكيَّة.. وكما تدين تُدان.
يبقى أن تتحلَّى الولايات المتحدة بالصبر.. ولا تتنشي كثيرًا، فقانون «جاستا» ليس إلاَّ السحر الذي سينقلب على الساحر -بإذن الله-.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store