Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الاعتراف بالأخطاء من شيم النبلاء

عُرِفَ عَن الرَّئيس الأَمريكي الأَسبَق «روزفلت» أَدَب الاعترَاف بأخطَائهِ، والاعترَاف بقُدراتهِ، والاعترَاف حَتَّى بحَمَاقَاتهِ..

A A
عُرِفَ عَن الرَّئيس الأَمريكي الأَسبَق «روزفلت» أَدَب الاعترَاف بأخطَائهِ، والاعترَاف بقُدراتهِ، والاعترَاف حَتَّى بحَمَاقَاتهِ.. ومِن اعترَافَاته أنَّه قَال ذَات صَرَاحة: (لَو أَستَطيعُ أَنْ أَكونَ عَلى صَوابٍ، ثَلاثة أربَاع الوَقت، لبَلغتُ حَدَّ الكَمَالِ)..!
دَعونَا نَنطَلَق مِن هَذا التَّصريح، إلَى الاعترَاف بأخطَائنا، فطَالما هَذا رَئيس أَكبَر دَولة في العَالَم، يَتمنَّى أَن تَكون عَلى الأقَل 75% مِن أَفْعَاله عَلى صَواب، فمَا بَالك بِكَ وبِي؟!
إنَّ الإنسَانَ يَجبُ أَنْ يُراجعَ نَفسه كُلَّ صَبَاحٍ، طَارِحًا عَلى مَائِدة التَّفاوض -بَينه وبَين عَقله- السُّؤال التَّالي: (هَل تَصرُّفَاتي صَوابٌ، أَم خَطَأ)؟، أَو (هَل أنَا مُخطئٌ فِي هَذا المَسلَك، أَم لَا)؟، ومُحَاسبة النَّفس بهَذا الشَّكْل لَن تُعطيك الصَّوَاب، ولَكن ستُقرِّبكَ مِنه ومِن مَجَالاته، لأنَّ الحَمْقَى وَحدهم هُم مَن يَعتبرُونَ أَنفسهم عَلى صَوَابٍ دَائِمًا.. أمَّا الحُكمَاءُ والفَلَاسِفَةُ فإنَّهم يَفعلون الصَّواب، ثُمَّ يَسألونَ أَنفسهم عَنه، مُتمنِّين أَنْ لَا يَكونُوا قَد وَقعُوا فِي دَائِرَة الخَطأ.. خُذ مَثلاً: حَكيم المعرَّة، أَو رَهين المَحبسيْن -مَحبَس البَيت، ومَحبس العَمَى- «أبوالعلاء المعرِّي»، فرَغم أَنَّه فَيلسوفٌ وحَكيمٌ، وضَليعٌ في مَعرفة النَّاس، اعتَرَفَ بأنَّه يُخطئ دَائمًا في تَقييم النَّاس، حَيثُ يَقول:
وَأَعْجَبُ مِنِّي كَيْفَ أُخْطِئُ دَائِمًا
عَلَى أَنَّنِي مِنْ أَعْرَفِ النَّاسِ بِالنَّاسِ
خُذ مَثلاً آَخَرَ عَلى أَخلَاق العُلَمَاء في الشَّكِّ فِي أَفعَالهم، أَهي صَوَاب أَم خَطأ؟ حَيثُ يَقول إمَام الفِقه الأَديب «الشَّافعي»: (رأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ.. ورأي غَيري خَطأٌ يَحتَمِلُ الصَّوابَ)..!
إنَّ الخَطَأَ مِن سِمَات البَشرِ، وطَالَمَا الإنسَان يَعيش هَذه الحيَاة، فهو يُخطئ، ولَكن خَير الخَطَّائين التَّوَّابون، أُولئك الذين يُراجعون أَنفسهم، ويَمتَلكون شَجَاعة الاعترَاف بالخَطَأ، ويُحاسبون أَنفسهم عَلى التَّقصير..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نُؤكِّد أَنَّ الخَطأ -بحَدِّ ذَاته- لَيس عَيبًا، ولَكن العَيب يَتمثَّل في ثَلاثة اتِّجَاهَات: إمَّا في تِكرار الخَطَأ، والإصرَار عَليه، وإمَّا في عَدم الاعترَاف بِهِ، وإمَّا فِي تَبريره والتمَاس الأعذَار لَه.. لأنَّ تَبرير الخَطَأ، والتمَاس العُذر لَه، لَا يُشعرنا بالخَطَأ..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store