Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الرأسمالية المتوغلة الفاسدة!

إلى أي مدى يتوغَّل النظام الرأسمالي في حياتنا؟ إلى أي مدى يستطيع اختراق كثير من المؤسسات التعليمية حتى الرائدة منها ليطوعها لخدمة مصالحه، حتى لو كانت على حساب مصلحة البشرية كلها؟.

A A

إلى أي مدى يتوغَّل النظام الرأسمالي في حياتنا؟ إلى أي مدى يستطيع اختراق كثير من المؤسسات التعليمية حتى الرائدة منها ليطوعها لخدمة مصالحه، حتى لو كانت على حساب مصلحة البشرية كلها؟.
‏قبل أسابيع قليلة نشرت المجلة العلمية JAMA (مجلة الجمعية الأمريكية للطب) (وهي من أكثر المجلات الطبية شهرة وأرفعها سمعة على مستوى العالم) مقالًا علميًا للدكتورة كريستين كيرنز من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، وهي أستاذة في كلية الطب هناك، والتي تُعّد من الكليات رفيعة المستوى ذائعة الصيت.
‏ويتحدث البحث عن الآلية التي اتبعتها (مؤسسة أبحاث السكر الأمريكية) (في الستينيات من القرن المنصرم، أي قبل نصف قرن) للتأثير على اثنين من الباحثين في علوم التغذية في جامعة هارفارد (ذائعة الصيت)، وهما الراحلان الدكتور فريدريك ستار والدكتور مارك هيجستد.
‏وقامت المؤسسة بتمويل دراسة بحثية للراحلين بقيمة ليست كبيرة تعادل 48 ألف دولار بسعر اليوم كي ينشرا دراسة تعارض دراسة علمية سابقة تؤكد قوة العلاقة بين السكر وأمراض الشرايين، ولينتهيا إلى أن قليلًا من تغيير عادات تناول الدهون والكولستيرول كفيلان بتجنب أمراض القلب والشرايين.
‏هكذا يتغلغل الفساد حتى في الصروح الأكاديمية الشهيرة فضلًا عن الرديئة. وهكذا يتنازل الأكاديمي والباحث عن حياده العلمي، وعن سعيه إلى البحث عن الحقيقة إلى سعيه للبحث عن المال لتغطية الحقيقة. طبعًا ليست هذه الممارسة المعوجة هي الأصل، لكن ليس من المعروف كم نسبة أولئك الذين تعرضوا لمثل هذا الإغواء، فامتنعوا أو استجابوا! ذلكم أن البحوث التي قد تؤثر في هذه الصناعة ‏أو تلك محدودة قياسًا لمجموع البحوث التي تجري في هذا الكوكب.
‏إغراء المال وإغراء النساء هما السلاحان اللذان يستعين بهما دائمًا أصحاب المصالح السوداء، فإن لم تجدِ كان سلاح العنف جاهزًا دومًا، وهو سلاح يُوجه نحو أصحاب المبادئ العليا والقيم السامية، خاصة المستعينين بالصبر والصلاة، الذين يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار.
‏الرأسمالية المعاصرة خاصة في الولايات المتحدة متوحشة إلى أبعد مدى، وهي تغلّف عوراتها بأوراق السلوفان وببريق الدعاية والإعلان، وحتى بنتائج بحوث ملتوية يتولاها فلان أو زعطان!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store