Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ظاهرة الشعر الجنوبي.. ترحل!

أهل الجنوب مولعون إلى حدّ الهوس بفنونهم الشعبية..
راقب ساحة عرضتهم من بعيد.. يختلط أمامك المشهد، مثل ما تختلط الأعمار والأطياف والأجساد..!

A A
أهل الجنوب مولعون إلى حدّ الهوس بفنونهم الشعبية..
راقب ساحة عرضتهم من بعيد.. يختلط أمامك المشهد، مثل ما تختلط الأعمار والأطياف والأجساد..!
.. وكم أماسٍ كثيرة اصطخبت الأماكن على وقع أقدام أنهكها الزمن، ولم تبارح عشقها الدفين للعرضة..إنّها جنوننا اللذيذ الذي يهزّ مشاعرنا، قبل ابتراق سيوفنا..!
.. لذا لم أستغرب «غوار» حين أخذته غواية الدبكة ونسي أهل الضيعة.. إنّه الولع ذاته، وربما الغواية ذاتها..!!
«1»
.. وشعراء العرضة وبالذات أولئك الرموز، لهم حضورهم في وجداننا، قبل ساحاتنا، ومناسباتنا.. نجلّهم ونردّد قصائدهم في الميادين، والمجالس، وحتى في الطرقات.
«2»
.. ومن أبرز أولئك محمد بن مصلح، هذا الاسم الذي أسكناه ذواكرنا «نقشًا» لا يُنسى ولا يموت.
«3»
.. محمد بن مصلح، مجموعة مكونات مذهلة، صنعت منه هرمًا شعريًا، يتسامق حبًا، وشموخًا، وانتماء.. إنّه دائرة كونية من الإبداع المتفرّد، لا يسكنها إلاّ هو وحده.!
«4»
.. باختصار.. هو ظاهرة شعرية شعبية، قلّ أن تتكرّر.. وحوّلتنا نحن إلى حالة ضوئية من الاعجاب الطاغي.
«5»
.. ظهر في زمن بدأ صوت الشعر يخبو بعد ابن ثامرة، ملأ فراغات الانكسار في دواخلنا بقصائده، وكأنه يؤكد حقيقة أنّ الأرض ولادة، وأنّ الأقمار لا تغيب إلى الأبد.!
«6»
.. مسيرة طويلة من الإبداع والكفاح، وأصبح فارس الشعر ملء الأسماع والأبصار والآفاق.
«7»
.. في كل محفل كان يرفع يده، وعصاه، وصوته، وهو يتغنّى بالقبيلة، وبالوطن، والأمجاد.. وكانت «نحن» رمز الشموخ في مطالع قصيده.
«8»
.. في أواخر أيامه، انداحت أسئلة العتب من عينيه:
ما بال قومي لا يكرّمونني..؟
هل لا أستحق..؟
أم ينتظرون موتي..؟!
«9»
.. ذات مساء ذهبنا إليه.. قلت: سنكرّمك، تأمّلني، وكأنه يستوثقني، ثم انشق صدره بآهة.. هزّ رأسه: (الله يقويكم)..!!
«10»
.. ليلة التكريم ماجت الأرض، ملأ الناس القاعات، والسّاحات، جاءوا ليروه، وليسمعوه..
.. هو ظهر في شموخه وحضوره، اختلطت ابتساماته بدموعه.. في قصيدته الأخيرة، وقف ورفع عقاله، وكأنه يقول: دوموا شامخين.
«11»
.. مات ابن مصلح رحمه الله، وأحسب أنّ البيضاني، وعبدالواحد، والشيخي يستعيدون ذات الحقيقة.. «أنّ الأرض ولاّدة، وأنّ الأقمار لا تغيب، إلى الأبد».!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store