فاطمة.. ولون أكتوبر!

بارك الله روحك يا «يا فاطمة».. شقيقة روحي التي اختطفها مرض سرطان الثدي منَّا قبل ما يقارب خمسة أعوام.. ومنذُ أيام جاء إلينا أكتوبر بشريطه الورديّ الذي أصبح رمزًا لسرطان الثدي، ذلك الشريط الذي ما زال يأتي إلينا فوق صدر أختنا الحبيبة الدكتورة سامية العامودي، تلك السيدة التي أُصيبت بالسرطان، فأصبحت رسالتها مقاومته، ومحاورته، وكأنَّه -تمامًا.. تمامًا- لا فرق لديها بين الداء، والدواء، حينما يجتمعان في جسدٍ واحدٍ.
.. آه يا فاطمة.. والذكرى موقد المواجع، حينما تتعلَّق بالفقد.. لعلَّني الآن أتذكَّر بحسرة راضية، وحزن مؤمن.. كم كنت أودُّ أن أرافقك لنستمع ونتصفَّح كتاب «حقوق مرضى السرطان» الكتاب الذي يسلط الضوء على من له حق معرفة التشخيص، ومَن له حق التوقيع بالموافقة على الجراحة للمرضى، وغيره بمجهود من أختنا الدكتورة العامودي.
أتذكرك كثيرًا يا فاطمة وأنت هناك.. هناك بعيدًا في بلاد اللا عودة، وردةً على صدر المرض، لا يزيدنا أكتوبر إلاَّ حنينًا عليها، وصبرًا ومقاومة لهذا الغول، الذي لا يكتفي بك حين نقاومه تحت وطأة خسارتنا لك.
جاء شهر أكتوبر، وقد أصبح رمزًا للتوعية بسرطان الثدي، ولشعورنا القاتل بفقدك معًا، كل شيء في هذا الشهر، ورمزه الوردي، وفعاليَّات سرطان الثدي مليئة بك وجعًا صامتًا، وأملاً لا ينتهي في أن نتجاوز جميعنا هذا المرض بعدك.
اللون الوردي التفاؤلي يا فاطمة لازال يتوعَّدنا، ويهدِّدنا بخطف فاطمات أُخر من بيننا.. أحبَّتنا يموتون بين أعيننا، وأيدينا، ولا نملك تطويقهم، وحمايتهم منه.. حتَّى حناجرنا المشلولة أكتفت دائمًا بدهشة «يا الله»! دعاءً وخوفًا وأملاً.. ولهذا لا نملك إلاَّ أن نتضافر جميعًا بالتوعية بأهميَّة الفحص المبكر لسرطان الثدي في أكتوبر، فمثل هذا المرض لا تعنيه التواريخ، ولا ينتظر توقيته في حياتنا المزدحمة بالتعب والمكابدة.