Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أوجاع الشرق الأوسط لن تزول برحيل أوباما

باراك أوباما، الرئيس الأميركي، في الطريق لخارج البيت الأبيض .. هل ستكون نهاية إدارته بداية انحسار مأساة الملايين من مواطني بلدان الشرق الأوسط؟..

A A
باراك أوباما، الرئيس الأميركي، في الطريق لخارج البيت الأبيض .. هل ستكون نهاية إدارته بداية انحسار مأساة الملايين من مواطني بلدان الشرق الأوسط؟..
إدارة أوباما وإعلامه والمحللون السياسيون الأميركيون يدَّعون أن ما يفعله الشرق أوسطيون بأنفسهم هو من فعلهم لوحدهم، وليس سياسة أميركية، كما يدعي معظم أبناء المنطقة. فالعراقي يستبيح دم العراقي، واليمني يقتل اليمني، والليبي يسحل الليبي، والسوري يذبح السوري .. ويد الأميركي بريئة من كل هذا.
لكن من الصعب على الأميركي تبرئة نفسه من دم الشرق أوسطي .. ومن أمثلة ذلك .. سوريا .. فلولا خط أوباما الأحمر الذي تحول الى سراب، لما أحس النظام السوري بالأمان وانطلق يفجر السوريين بالبراميل، ولا أرسلت إيران حزب الله اللبناني، وحرسها الثوري، ومليشياتها الشيعية العراقية وعملاءها الافغان وغيرهم للإيغال في دماء السوريين وأعراضهم دون رادع أو خشية من حساب أو عقاب. وما كانت روسيا لتسارع الى إرسال أسلحة الدمار بمختلف أنواعها لقتل السوريين وإذلالهم ... ولولا قيادة أميركا (من الخلف) لتحالف دمَّر ليبيا وقضى على ما كان من قواتها المسلحة لما انطلقت عصابات الشر المحلية والإقليمية لتقضي على ما بقي لليبيين من وطن وتمزقه شر ممزق .. ولولا أن اتصل أوباما شخصياً بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك، يطلب منه التنحي، لما نجح الإخوان المسلمون، بدعم أميركي، من تولي السلطة في مصر، وما تلى ذلك من نزاع تطور الى حرب دموية تعيشها أجزاء من سيناء مصر حتى الْيَوْمَ.
مأساة أوطان الشرق أوسطيين لن ترحل برحيل أوباما، الرئيس الأمريكي الحالي، فهي مأساة نابعة من تقدير الأميريكيين لدورهم العالمي، وقرارهم إعادة تكوين المجتمعات السياسية والاقتصادية بشكل يناسب طموحاتهم بعد أن اضطروا لخوض حربين عالميتين تسبب فيهما الأوروبيون.. وكانت المرحلة الاولى في ذلك إعادة بناء أوروبا، وبعض دول آسيا المحيطة باليابان، حيث أقاموا باليابان والدول المجاورة لها أنظمة سياسية تمثيلية واقتصاديات منفتحة يستطيعون التحكم بها عن بعد، عبرالمؤسسات الدولية والإقليمية التي أقيمت. ومن الواضح أن دور إعادة تشكيل دول الشرق الأوسط ومعها المجتمعات الإسلامية حتى غير ‏المجتمعات الشرق أوسطية قد حان. ‏
‏أمريكا ، قبل أوباما تبنت آية الله الخميني ، الذي أطلق دعوة الثورة ضد الشاه، وأخرجت شاه إيران من بلده، وأرسلت قائد قوات الناتو، الأميركي، إلى طهران ليمسك يد الجيش والقوات الأمنية عن التحرك لإيقاف الخميني وأعوانه من السيطرة على البلاد.. ثم كانت أمريكا هي التي غزت العراق وأسقطت صدام حسين، وحرصت على إفراغ السلطة من أغلبية العراقيين الذين لاينتمون إلى المذهب الشيعي وسرحت القوات المسلحة ورجال الأمن وفككت أجهزتهم وفتحت الحدود لدخول عشرات الآلاف من المرتزقة الشيعة الذين جنَّدهم الإيرانيون، مع قوات من الحرس الثوري الإيراني، وأتاحت لإيران، وليس مواطني العراق من المذهب الشيعي، السيطرة على البلاد.. ووضعت بذور داعش التي حرصت، بعد ذلك، على تشكيل تحالف دولي تحت قيادتها وسيطرتها لمحاربته، بحيث أصبحت مكافحة داعش مهمة يديرها الأمريكيون الذين جعلوا المنطقة بأفعالهم مهيأة لمواجهة مذهبية وخاصة شيعية سنية.
النتيجة المستفادة، لمن أراد الاستفادة، هي أن أمريكا بأي رئيس تختاره لن يتغير تعاملها مع الشرق الأوسط كثيراً.. لكن أسلوب إدارة ذلك سوف يختلف من رئيس لآخر، بناء على شخصية وخبرة ذلك الرئيس وأفراد إدارته.. ويبدو أيضاً، حسب ما يدلنا عليه واقعنا بماضيه و حاضره، أن ردود أفعال أصحاب القرار في أوطان الشرق الأوسط لن تتمكن من تجنب مخاطر ماهو قادم.. ما لم نفاجأ بأسلوب إدارة أزمة جديد يتعامل به أصحاب القرار في أوطان الشرق الأوسط مع المتوقع من القديم الجديد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store