Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التخطيط المالي الفردي وثقافة الادخار

سابقًا إذا تحدثت عن التخطيط للإنفاق وتجزئة الراتب ومحاولة التوفير منه يضحك البعض منك في ظل موجة التفاخر والقدرة على الصرف، ويرتفع معها شعار العيب والمنزلة الاجتماعية في المجتمع، وأصبحت قيمة الأسرة ومك

A A
سابقًا إذا تحدثت عن التخطيط للإنفاق وتجزئة الراتب ومحاولة التوفير منه يضحك البعض منك في ظل موجة التفاخر والقدرة على الصرف، ويرتفع معها شعار العيب والمنزلة الاجتماعية في المجتمع، وأصبحت قيمة الأسرة ومكانها فيما تنفق في شتى أوجه الصرف، وأصبحت قضية التوفير في سلة المهملات بل وأصبحت القدرة على الاقتراض والتقسيط هدف الأسرة وتوجهها، كل ذلك حدث خلال ثلاثين عامًا، وساعدتنا الموجة الاقتصادية الجيدة من تحسن أسعار النفط واستمرار تحسن الإنفاق الحكومي وزيادة الدخل واستمرار الإعانات وأسعار بعض الأساسيات في مستواها، الأمر الذي شجع سياسة الإنفاق والبعد عن الادخار والاستثمار، واستعيض عنها بالاقتراض ولصالح استهلاك حالي والسداد بالتقسيط، وبدأت مظاهر كثيرة توضح البذخ في الصرف والتوسع فيه من زاوية العرف وقانون العيب، ونسينا في قمة الصرف أن الأيام غير متساوية وأنها ستتداول بين الناس، ونسينا أهمية التوفير أيام الرخاء لمواجهة الأيام المتقلبة، والتي نحتاج فيها لمن يدعمنا كأفراد لنتجاوز الفترات العصيبة، وليس هناك أفضل من مدخراتنا لمواجهة التقلبات الاقتصادية.
الآن ومع أول تغيُّر يواجهه المجتمع من عدة زوايا سواء من رسوم أو تراجع في الدخل أو تكلفة خدمات، نجد أنفسنا نواجهه وبأعباء إضافية تتمثل في الدين والأقساط التي يجب أن تُسدَّد للبنوك ومع تراجع القدرات المالية، لاشك أن هذا الوضع يملي علينا أن نعود إلى الأسس ونحدد كيف سنتعامل مع الوضع ومن خلال التخطيط المالي الفردي، حيث يجب أن تُحدَّد الأولويات وتوجه لها موارد الأسرة والبعد عن التوجهات الإنفاقية دون ضوابط، لأن الثمن سيكون قاسيًا، علاوة على أن القدرة على الاقتراض انخفضت وربما ليست بالأمر السهل مستقبلاً، بل ويجب أن تنمي الأسرة وتهتم بثقافة الادخار، والبدء في تكوين صندوق مدخرات مهما كان حجم التوفير فيه، وفي ظل ظروف صعبة وغير سهلة.
بل وتفرض علينا الساعة أهمية إدراج وتعليم أبنائنا ثقافة التخطيط المالي، ومنهجة سلوك الادخار والاستثمار، وتخطيط الإنفاق وتبريره، شعوب كثيرة تهتم بالادخار واستطاعت أن تواجه الأزمات المالية وتحد منها، وعاشت في بحبوحة في أحلك الظروف الاقتصادية العالمية مثل ألمانيا واليابان، كله بسبب اهتمام الفرد بالادخار وعدم الانجراف خلف النمط الاستهلاكي والاقتراض لدعم الاستهلاك، كما حدث لدينا في العقود الماضية، الغريب في الأمر أن النهج الاستهلاكي والإنفاق بلا حدود وفوق إمكانياتنا بعيد عن جذورنا وعن شرعنا الحنيف الذي يحثُّ على التوسُّط والبعد عن التبذير والإنفاق، وبالرغم من ذلك انحرفنا، والآن نحن أحوج ما نكون للعودة إلى الأسس وبناء النهج الادخاري والاستثماري في سلوكنا الاقتصادي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store