«الميري»

«إذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة».
يعدّ مفهوم «ثقافة العمل» من المفاهيم الملتبسة التي عادة ما يكتنفها الغموض خاصة ما يتعلق منها بالوظيفة، إذ جاء حين من الدهر دأبت فيه منظومة المؤسسات التعليمية كافة على خلق القناعات وترسيخها لدى المنخرطين فيها على أن الوظيفة الحكومية هي بيت القصيد وفي متناول الجميع وأن العمل فيها يعدّ الملاذ الآمن من تقلبات الدهر وصروف الزمن، ومعلوم أن الوظيفة الحكومية فيما خلا من سنين كانت متطلباتها محدودة ومعاييرها المهنية متواضعة لكي لا نقول هلامية وأصحبت الدولة على مستوى العالم العربي أكبر مُوظف لجحافل الخريجين، وعلى نحو الخصوص في دول الخليج، ومع تشبّع الدوائر الحكومية بالموظفين إلى حدّ التخمة أصبح الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي دونه خرط القتاد، ومع ذلك ما برح الخريجون ينتظرون بالسنوات للحصول على وظيفة حكومية تحقق لهم ما يصبون إليه من أمن وظيفي!! ويعزفون عن المغامرة وخوض تجربة العمل في القطاع الخاص الذي تختلف قطعًا متطلباته وصرامة معاييره عن الوظيفة الحكومية «الميري».
قبل يومين نشرت الصحف المحلية ومنها جريدة «المدينة» ملخصًا لاستطلاع «أصداء بيرسون مارستيلر السنوي الثامن» لرأي الشباب العربي عن تفضيل هؤلاء الشباب للوظيفة الحكومية عن ما عداها، وتبيّن من نتائج الاستطلاع أن ثلثي شباب الخليج العربي يفضلون الالتحاق بوظائف حكومية رغم كمّ المبادرات والمحاولات التي تشجعهم وتحثهم على البحث عن وظائف في القطاع الخاص، وأشار الاستطلاع إلى أن نصف الشباب العربي (50%) في أنحاء الوطن العربي قالوا إنهم يفضّلون الالتحاق بوظيفة حكومية على العمل في القطاع الخاص، واللافت للنظر في هذا الاستطلاع أن النسبة ترتفع إلى (70%) في دول مجلس التعاون، والنسبة الآنف ذكرها مرتفعة وتحتاج إلى تأمل بل وإعادة النظر في مخرجات المنظومة التعليمية وتصويب مسارها بما يخدم سوق العمل الفعلي.
* ضوء: (رضا الناس غاية لا تدرك).