أَذهَب إلَى المَكتبَة مَرَّة أَو مَرَّتين في الأسبُوع، وأُشَاهِد الكَمَّ الهَائِل مِن الكُتب التي تَصدر، بَل تُسلق كَما يُسلق البيض، ولَم يَكتفِ أَصحَابها بسَلْقهَا، بَل يَطلبون مِنَّا قِرَاءتهَا، وهَذه تُعتبر جَريمة بحَقِّ السيّدة ثَقَافة، والأُخت مَعرفَة..!
إنَّ التَّأليف يَا قَوم يَحتَاج إلَى صَبرٍ وبَحث، وإنشَاء مُعسكر في المَكتبَة، وحَتَّى أُبيّن لَكم أَهميّة القِرَاءَة والتَّحضير قَبل التَّأليف، إليكُم مَا كَتبه البَاحث الكَبير «أنور الجندي» - صَاحب «المَوسوعَة الإسلاميَّة العَربيّة»- حَيثُ يَقول: (كَان يَمرُّ بخَاطري يَومًا أنْ يَكون لِي كِتَابٌ مَعروض، فلَمَّا قَدِمتُ القَاهرة وأَقمتُ بِهَا؛ قَرأتُ عَشرَات مِن هَذه الكُتب، وأصبَح لِي مُنذ بِضع وعِشرين سَنَة مَوقعًا في دَار الكُتب، لَا أَغيب عَنه إلَّا لمَامًا، وقَد قَرأتُ بِهِ مِئَات مِن الكُتب، بَل قَد اضطرَرتُ -وأنَا أَعدُّ «المَوسوعَة الإسلاميّة العَربيّة» الجَامِعَة- أَنْ تَكون لِي قَائِمَة؛ تَضمُّ أَسمَاء الكُتب التي تَلزمني وأَرقَامها، حَتَّى لَا يَضيع الوَقت -كُلّ يَوم- في البَحث عَن هَذه الأرقَام. ومِن ثَمَّ عَكفتُ عَلى دِرَاسَة مَا يَزيد عَن نِصف مليون بِطَاقة، أَخَذَتْ مِن الوَقت أَكثَر مِن خَمسة أشهُر، رَاجعتُ فِيهَا بِطَاقَات يَحويها أكثَر مِن 180 صَندوقًا، وأَعددتُ مِن خِلال ذَلك مُجلَّدًا ضَخمًا، يَحوي أكثَر مِن خَمسة آلَاف كِتَاب، هَذَا بالإضَافَة إلَى فَهَارس ضَخمة للصُّحف والمجلَّات؛ التي صَدَرَت مِن عَام 1871م حَتَّى اليَوم، ومِنهَا فهرس خَاص لأعدَاد صَحيفة الأهرَام، التي صَدَرَت في الفَترَة المُمتدَّة مَا بَين الحَربين العَالميّتين، يَحوي مَواد الأهرَام الأَدبيّة والفِكريّة والاجتماعيَة، والأحدَاث التَّاريخيّة. وقَد عَلَّمتني قَوائم الكُتب كَثيرًا، عَلَّمتني حَاجة البَاحِث المُلحّة إلَى مُتَابعة كُلّ مَا يَصدر مِن مُؤلَّفات، فكُلّ يَوم يَصدر كِتَاب جَديد، ولَعلَّ كِتَابا يَصدر في مَوضوع، أَو عَن شَخصيّةٍ مَا، يُغنينا عَن سَاعَات طَويلة قَد تَكفّل بِهَا هَذا البَاحِث)..!
حَسنًا.. ماذا بقي؟!
بقي أن أقول: أيُّها القَوم، قَبل أَنْ تُؤلِّفوا الكُتب، تَأمَّلوا وتَدبَّروا..!!!
الزجر والتعنيف لاستسهال التأليف!
تاريخ النشر: 18 أكتوبر 2016 23:31 KSA
أَذهَب إلَى المَكتبَة مَرَّة أَو مَرَّتين في الأسبُوع، وأُشَاهِد الكَمَّ الهَائِل مِن الكُتب التي تَصدر، بَل تُسلق كَما يُسلق البيض، ولَم يَكتفِ أَصحَابها بسَلْقهَا، بَل يَطلبون مِنَّا قِرَاءتهَا،
A A