Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عندما نخفي وجهنا يرسمه الآخر كما يشاء

منذ عقود ونحن نشكو من التشويه الذي تمارسه صناعة الأفلام الغربية لصورة العربي والمسلم، وهو تشويه لم يتوقف حتى اليوم رغم اختلاف أساليبه وأدواته التي أصبحت اليوم أكثر قوة وتأثيراً، كما تنوعت مصادره ولم ت

A A
منذ عقود ونحن نشكو من التشويه الذي تمارسه صناعة الأفلام الغربية لصورة العربي والمسلم، وهو تشويه لم يتوقف حتى اليوم رغم اختلاف أساليبه وأدواته التي أصبحت اليوم أكثر قوة وتأثيراً، كما تنوعت مصادره ولم تعد تقتصر على شركات الإنتاج السينمائي الضخمة في هوليوود وغيرها.
منذ عقود ونحن نشكو من عدم فهم الآخر لثقافتنا الحقيقية التي تعكس حبنا للسلام والتعايش والتسامح، في وقت كان فيه الآخرون شرقاً وغرباً ينشرون ثقافتهم ويجسرون الفجوات فيما بينهم عبر إنتاجهم السينمائي، ومن ذلك مثلاً المسلسلات والأفلام الأمريكية التي حافظت دوماً على تفوقها وتفننت في نشر ثقافتها وإبراز الأمريكي بصورة البطل المحب للخير والمنقذ الأول للبشرية، بل وإعطاء مبررات لأقسى الممارسات وأكثرها وحشية كما فعل مثلاً فيلم «بيرل هاربر» بتبريره لاستخدام القنابل النووية على اليابان، وأفلام عديدة عن الحرب في العراق عمدت إلى تصوير بطولات الجيش الأمريكي في أرض المعركة دون ذكر لأي ممارسات غير إنسانية كتلك التي جرت في سجن أبو غريب وسواه.
هذا التوظيف الأمريكي للقوة السينمائية الناعمة بدأ في الواقع منذ عقود طويلة، وقد يذكر الكثيرون مسلسل جحيم المعركة «combat» في السبعينات الذي تمكن حينها من إعطاء تصور إيجابي لا يستهان به عن الجيش الأمريكي وقوته ومبادئه، وهو بالمثل توظيف جعل الملايين حول العالم يعرفون ثقافة أمريكا ويولعون بها دون حتى أن تطأها أقدامهم يوماً.
اليوم ومع ظهور الإنترنت والتطورات الرقمية المتسارعة لم يعد الإنتاج السينمائي حكراً على شركات الإنتاج الضخمة، حيث أصبح إنتاج الأفلام القصيرة أمراً متاحاً للجميع، كما أصبح لتلك الأفلام مهرجاناتها وجوائزها العالمية المرموقة، ويحظى الكثير منها بنسب مشاهدة عالية جداً على شبكات التواصل الاجتماعي مما يجعلها أداة هامة من أدوات التعريف بثقافة المجتمع وقيمه وحضارته، خاصة في ظل غياب الظروف والإمكانات اللازمة لإنتاج الأفلام السينمائية الطويلة.
المفرح المحزن بالنسبة لنا هو أن يكون لدينا مجموعة من الشباب المبدعين في مجال صناعة الأفلام القصيرة ممن توهجت أعمالهم عالمياً لكنها غابت تماماً محلياً، في وقتٍ نحن أحوج ما نكون لتلك المهارات والقدرات. يكفي ان أقول بأن إيران أنتجت 5 أفلام مترجمة بعدة لغات عن حادثة التدافع في منى، إضافة الى العديد من الأفلام الأخرى التي يتواجدون من خلالها في كل مهرجان ومناسبة ممكنة لتحسين صورتهم في العالم.
إن مقاومة البعض للسينما وتوجسهم منها لا ينبغي أن يكون مبرراً لوأد مبدعينا في صناعة الأفلام ممن ينبغي دعمهم وتوجيههم ليكونوا نافذة مشرقة لنا على العالم بدلاً من بناء الجدران العازلة التي لا تسهم سوى بإخفاء وجهنا الجميل وترك المجال للغير لرسمه كما يشاء.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store