Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

القضية السورية.. ركل من جنيف إلى لوزان !

بينما أعلن الكثير من المشاركين في محادثات لوزان المتعلقة بالشأن السوري بأنهم أخفقوا في إيجاد حل يرضي كل الأطراف، أو حتى في التوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن إستراتيجية عامة لإنهاء الأزمة السورية، ظهرت رو

A A
بينما أعلن الكثير من المشاركين في محادثات لوزان المتعلقة بالشأن السوري بأنهم أخفقوا في إيجاد حل يرضي كل الأطراف، أو حتى في التوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن إستراتيجية عامة لإنهاء الأزمة السورية، ظهرت روسيا لتعلن بأن المجتمعين اتفقوا على أن السوريين هم مَن يُقرِّر مستقبلهم بأنفسهم، وظهر -كما أشرتُ كثيراً في مقالات سابقة- بأن الحل، وكذلك المخرج، لا يملك مفاتيحه سوى الرئيس الروسي «بوتين»، لاسيما وأن الروس قد نشروا صواريخهم، وأحضروا أساطيلهم وبوارجهم الحربية إلى موانئ سوريا البحرية في غفلة من دول الغرب، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي صرّح قائد قواتها في أوروبا الجنرال «بن هوجز» أن بلاده لم تتوقع من روسيا اتخاذ خطوات حاسمة في بعض النزاعات الدولية، وهو يشير بذلك إلى (أوستيا الجنوبية وسوريا وأوكرانيا بالدرجة الأولى)، وأنهم كانوا مفرطين في التفاؤل.
إلى ماذا يقودنا التصريح الروسي الداعي إلى ترك السوريين ليُقرِّروا مصيرهم بأنفسهم، وبلادهم شبه محتلة من قبل روسيا؟! لا يعني إلا شيئاً واحداً فقط، استمرار الأسد رئيساً شرفياً لسوريا، بينما يبقى الرئيس الروسي «بوتين» رئيسها التنفيذي بقوته الضاربة. عبثاً يُحاول المتعاطفون مع الشعب السوري، أو حتى مع المعارضة السورية، إيجاد حل يفضي إلى إزاحة (الأسد) من على كرسي الحكم، ومن ثم إجراء انتخابات نزيهة يتم فيها انتخاب رئيس متوافق عليه للبلاد، وروسيا هي صاحبة الضبط والربط متسلِّحة بعذر وجودها القانوني بطلب من رئيس النظام السوري غير ملتفتة لأولئك الذين يُلوِّحون بعصا الأمم المتحدة، الذي تستطيع أن تُبطل قراراته برفعة يد.
وعلى الرغم من تصريح رئيس النظام السوري الذي ألقى فيه باللائمة على ما يحدث في بلاده على أمريكا وروسيا، ووصفه لها بأنها أكثر من حرب باردة، وكذلك المخاوف من قيام حرب عالمية ثالثة تنطلق شرارتها من الأراضي السورية، إلا أن ذلك لن يحدث لعدة اعتبارات، من بينها، أن هناك اتفاقا روسيا أمريكيا -طبقا للمتحدثة بلسان وزارة الخارجية الروسية (ماريا خازوفا)- يمنع أي صدام مباشر في سوريا، هذا بالإضافة إلى جنوح الولايات المتحدة للسلم بعد أن باغتتها روسيا باحتلال كامل الأراضي السورية، وكذلك استنادا لرؤية صحيفة «واشنطن بوست»، التي رأت بأن الهيمنة العسكرية الأمريكية شارفت على النهاية، وأصبحت من الماضي بعد أن فقدت قوتها الضاربة، وبينما يُصرِّح الرئيس «أوباما» بأن الواقع السوري يُحتِّم التوصل إلى حل وسط من أجل إيقاف الاشتباكات المسلحة، يُحمِّل الرئيس «بوتين» واشنطن مسؤولية تدفق الإرهابيين إلى المنطقة، وذلك بعد عدوانها السافر -كما يقول- على العراق وليبيا، وهو ما يمنع حصوله في سوريا.
الوضع كما يبدو معقَّدا، والفرص أمام الشعب السوري وكذلك جبهة المعارضة في رأيي شبه مستحيلة، إن لم تكن منعدمة في ظل الهيمنة الروسية على كل الأراضي السورية، فالإمكانيات متواضعة، يقابلها استحالة المجازفة من قبل الولايات المتحدة التي أدركت بأنها جاءت في الوقت الضائع.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store