Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بطولات ورقية في قصص ملحمية !!

أُتَابع كَثيرًا مِن القصَص التي تُروَى في المَجَالس، يَرويها أَفرَادٌ عَن أَنفسهم، وهي قصَص -في الغَالِب- تَحتوي عَلى الكَثير مِن الحَقّ، والقَليل مِن البَاطِل، ولَا يَعنيني هُنَا كَثرة الحَقّ، بَل يَ

A A
أُتَابع كَثيرًا مِن القصَص التي تُروَى في المَجَالس، يَرويها أَفرَادٌ عَن أَنفسهم، وهي قصَص -في الغَالِب- تَحتوي عَلى الكَثير مِن الحَقّ، والقَليل مِن البَاطِل، ولَا يَعنيني هُنَا كَثرة الحَقّ، بَل يَعنيني البَاطل القَليل، المَمزوج بالحَقّ ورَائِحة الاعتدَاد بالذَّات، وإظهَارهَا في غَير مَظهرها الحَقيقي..!
هَذا كُلّه كَلام تَنظيري، وحَتَّى يَتَّضح الأَمر، دَعونَا نَضرب الأمثَال بالوقَائِع والاستشهَادَات، يَتحدَّث أَحدُهم عَن نَفسه فيَقول: إنَّ صَاحبه فُلان يَتَّصل عَليه ويُطارده مُنذ أيَّام، وهو -كَما يَقولون بالعَامية- «معطيه أشكل»، أَي أنَّه «لَا يَردُّ عَليه»، والحَقيقَة أَنَّ ذَلك الشَّخص لَم يَتَّصل ولَم يَسأل عَن صَديقه..!
مِثَالٌ آخَر، يَحدث دَائماً عِند «المَغزلجية»؛ حِين يَتحدَّث أَحدُهم عَن فَتَاة يُحبّها، أَو تَعرَّف عَليهَا، فيَقول: «هي مَجنونة بِي وتموت في دبَاديبي»، ولَا تَسألوني عَن «الدَّبَاديب»، فأنَا لَا أَعرفها، هَذا مَا يَرويه «المَغزلجي» عَن نَفسه، أمَّا الحَقيقَة أنَّه هو الذي «يَموت فِيها»، ويَتَّصل بِهَا ولَا تَردُّ عَليه..!
وإذَا وَسّعنا الدَّائِرَة، وَجدنَا أَنَّ عَديدًا مِن المَسؤولين إذَا جَلَس في مَجالسهِ الخَاصَّة يَقول: إنَّه كُلّ سَنَة يُقدِّم استَقَالته، ولَكن جِهة عَمله مُتمسّكة بِهِ، وتُجبره بقوّة الحُبِّ والرَّجَاء عَلى البَقَاء في مَنصبهِ..!
ولَا يَخلو عَالَم النَّشر والتَّأليف مِن البطُولات الوَرقيّة، حَيثُ تَجد أَحدُهم يَكتُب في مُقدِّمة كِتَابه: (لَم أَكُن أَرغَب في نَشر هَذا الكِتَاب، لَكنَّني فَعلتُ ذَلك تَحت إلحَاح الأصدقَاء والأحبَاب)، والحَقيقَة أنَّه هو الذي أَلحّ كَثيرًا عَلى دور النَّشر؛ لتُوافق عَلَى طِبَاعة كِتَابه..!
حسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقول: أيُّها النَّاس ذنُوبنَا كَثيرة، ولَا نَحتَاج إلَى مَزيدٍ مِنهَا مِن خِلال اختلَاق قصَص كَاذِبَة، فنَجمع بَين الكَذب والافترَاء عَلى النَّاس، واعلَمُوا أَنَّ الإنسَان لَن يَكون جَميلاً؛ إلَّا إذَا كَان صَادِقًا مَع نَفسه، وأَمينًا فِيمَا يَروي مِن قصَص، فلَا يَظهر وكَأنَّه في مُسلسل؛ يُريد أَنْ يَكون البَطَل في كُلِّ حَلقَاته..!!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store