كليات المجتمع والأمانات والمنشآت الصغيرة

كانت هناك وظيفة مهمة وهدف أساسي للأمانات أو البلديات في مختلف مدن المملكة العربية السعودية، وهو دعم ومساندة المنشآت الصغيرة من خلال إنشاء أسواق مركزية تتيح لهم ممارسة مختلف المهن وتأجيرها لهم بأسعار معقولة. ويبدو أن هذا الدور اختفى في حمّى المنافسة، وأصبح المكان لمن يدفع أكثر، وبالتالي فَقَدَ أصحاب المنشآت الصغيرة المنافذ التي تساعدهم في الوصول للمستهلك النهائي، وابتعدت الأمانات عن دورها الأساسي والمُحدَّد منذ البدء لدفع عجلة التنمية المستدامة. ويعتبر اختفاء هذا الدور جزءًا من التأثير السلبي علي وجود واستمرارية المنشآت الصغيرة في مختلف المدن نظراً لتأثير التكلفة على قدرتهم على الاتصال بالمستهلك.
والآن قامت وزارة التعليم وخلال العشر سنوات بإنشاء كليات المجتمع والتي يفترض أن تُقدِّم مهنًا يستفيد منها ممارسو وأصحاب المنشآت الصغيرة، وبالتالي هناك حاجة لتواصل البلديات والأمانات معها لإتاحة أكبر فرص للشباب حتى يدخلوا سوق العمل ونُنشِّط التنمية الاقتصادية في بلادنا.
تنشط البلديات وإدارات المدن في مختلف دول العالم لممارسة دور تنموي وتنشيطي للأعمال الصغيرة، وحتى الحاضنات، نشأت في مختلف دول العالم، وخاصة إيرلندا وأستراليا (أنجح تجربتين) من خلال الأمانات ومجالس المدن، وفي المناطق الفقيرة وغيرها لدعم وتنشيط وتنمية الأعمال الصغيرة. فمتي نشاهد دورًا أكثر إيجابية للبلديات، وهل تحتضن كليات المجتمع والكليات التقنية لإحداث تنمية وتوسُّع للأعمال والمنشآت الصغيرة، فهي المرخص والمفتاح لهذا القطاع حتى يزدهر، وكفانا دعما واهتماما بمن يمتلك القدرات المالية، وإتاحة الفرص جزئيًا لهذه الفئات حتى ينمو اقتصادنا.
توجُّه الدولة حاليًا ومن خلال تركيز هيئة المنشآت الصغيرة ووزارة العمل يحتاج لأن تتشارك معها وزارتا البلديات والتعليم من خلال الكليات التقنية وكليات المجتمع، وكما تم في قطاع الاتصالات أن يمتد لقطاعات عريضة توفر لها الإمكانيات والمواقع داخل الأحياء لممارسة مختلف الأنشطة ودعم قيام واستمرارية المنشآت الصغيرة فيها، فالوقت قد أزف إن أردنا مزيدًا من التوظيف والتنمية المحلية، والتكامل بين هذه الجهات الأربع مهم وحيوي للمرحلة المقبلة والمهمّة لنا، إذا أردنا تحقيق الرؤية. وعدم قيام أي طرف بدوره سيكون له أثر سلبي علي تنمية وتطوير المنشآت الصغيرة وعلى رفع نسبة التوظيف في المجتمع ومحاربة البطالة. وخاصة ممارسة البلديات لهدفها الأساسي الذي أُنشئت من أجله، وله أثر على المدى الطويل والقصير مقارنة بالعوائد المحصلة.