Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الصناعات التحويلية والأزمة النفطية

تمر المملكة العربية السعودية مثلها مثل كل الدول و المجتمعات البشرية على مر التاريخ بفترة تحديات اقتصادية وأمنية ومجتمعية كبيرة ، وذلك ضمن السنّة الإلهية في مداولة الله لمقومات الحياة بين عباده ( وتلك

A A
تمر المملكة العربية السعودية مثلها مثل كل الدول و المجتمعات البشرية على مر التاريخ بفترة تحديات اقتصادية وأمنية ومجتمعية كبيرة ، وذلك ضمن السنّة الإلهية في مداولة الله لمقومات الحياة بين عباده ( وتلك الأيام نداولها بين الناس) ، ويمكن أن تؤدي التحديات الاقتصادية إلى كساد كبير كما ويمكن أن تكون منحة ربانية محفزة نحو تخطي المحددات الذاتية حسب إيجابية أوسلبية النظرة اليها وكيفية التعامل معها وحسب وجود الخطط التنموية إضافة لخطط الطوارئ لأي دولة ،و حسب توعية المواطنين بها ليكونوا في أدائهم عند مستوى التعبئة النفسية اللازمة لتخطي المرحلة بل و للمشاركة الإيجابية الفعالة في بلوغ بر الأمان.
ولعل مجتمعنا السعودي يعيش حالياً مقدمات سنوات ترشيد قادمة قد تكون ضبابية الطبيعة حتى الآن، و يتبارى الناس في طرح الأفكار والمقترحات لاستعادة رغد العيش والسعة في الأرزاق ، هذا إضافة الى مراجعة سلوكياتنا المفرطة في الاستهلاكية، ويؤكد الكثيرون بأن السبب الرئيس لتدني الدخل شبه المفاجئ هو نزول سعر البترول الخام بشكل حاد ، ويغيب عن أنظار ذلك البعض أن بإمكاننا أن نقلب المعادلة بالاستفادة من النفط بعد تصنيعه إلى الصناعات البترولية المتحولة فيتضاعف دخل البترول بمقدار 3 – 5 أضعاف ثمنه بشكله الخام وتقوم عدد من الدول الصناعية بتحويله إلى منتجات نفطية متحولة تباع في الأسواق العالمية بثلاثة أو أربعة أضعاف ثمن الخام.
إن السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك من المقومات ما يجعلها قادرة على تحقيق كافة الخطط والاستراتيجيات ذات العلاقة ، وبالتالي فإن الانتقال من مرحلة تصدير الزيت الخام إلى مرحلة تعظيم الاستفادة من الميزة التنافسية للصناعات البترولية ،أمر ممكن نتيجة توافر النفط بكميات كبيرة يمكن تأسيس الصناعات المتحولة بناءً على وفرتها ، وتوفر رؤوس الأموال بالرغم من التحدي المالي القائم حالياً ، وكذلك الحال بالنسبة للخبرات الوطنية وتطويرها ، وإمكانية استيعاب التقنيات المصاحبة ، والانخفاض النسبي في
تكلفة العمل في الصناعة التحويلية والتي لا تتجاوز في كثير من الاوقات 5% من مجموع التكاليف النهائية للمنتجات، الأمر الذي من شأنه أن يحمل فوائد اقتصادية وتجارية كثيرة من توسيع القاعدة الإنتاجية وتحقيق سلسلة من القيم المضافة الجديدة على السلع والخدمات بشكل دائم.
الصناعات التحويلية هي تلك الصناعات التي تعتمد على تحويل المواد الأولية ( الخام ) إلى منتجات نهائية أو منتجات وسيطة قابلة لمزيد من التطوير والتصنيع. وهذا المصطلح التطبيقي ينطبق على النفط الخام بشكل كبير ، والمملكة بدأت من عقود في الصناعات النفطية التحويلية من مشتقات البتروكميكلز لكن بنسبة 10% من إجمالي إنتاج النفط اليومي وتبيع 90% كزيت خام ، والمطلوب قلب هذه النسبة رأساً على عقب الى تصدير 10%
نفط خام و90% مواد متحولة يمكن تسويقها محلياً و إقليمياً وعالمياً بمتوسط عائد قدره أربعة أو خمسة أضعاف النفط الخام ، ويمكن فعل ذلك قبل وصولنا لتحقيق رؤية المملكة 2030 . كما يمكنها تحقيق مئات الألوف من الوظائف الفنية من مهندسين وفنيين وخبراء و باحثين. نسأل الله التوفيق والسداد للجميع ولولاة الأمر بشكل خاص.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store